الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين. وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين.
وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون. وانتظروا إنا منتظرون ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون.
____________________
وتضمنه: يعنى ولذلك من التمكين والاختيار الذي كان عنه الاختلاف خلقهم ليثيب مختار الحق بحسن اختياره، ويعاقب مختار الباطل بسوء اختياره (وتمت كلمة ربك) وهى قوله للملائكة (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) لعلمه بكثرة من يختار الباطل (وكلا) التنوين فيه عوض من المضاف إليه كأنه قيل: وكل نبأ (نقص عليك) و (من أنباء الرسل) بيان لكل و (ما نثبت به فؤادك) بدل من كلا، ويجوز أن يكون المعنى: وكل اقتصاص نقص عليك، على معنى: وكل نوع من أنواع الاقتصاص نقص عليك: يعنى على الأساليب المختلفة، وما نثبت به مفعول نقص، ومعنى تثبيت فؤاده: زيادة يقينه وما فيه طمأنينة قلبه، لأن تكاثر الأدلة أثبت للقلب وأرسخ للعلم (وجاءك في هذه الحق) أي في هذه السورة أو في هذه الأنباء المقتصة فيها ما هو أحق (وموعظة وذكرى - وقل للذين لا يؤمنون) من أهل مكة وغيرهم (اعملوا) على حالكم وجهتكم التي أنتم عليها (إنا عاملون وانتنظروا) بنا الدوائر (إنا منتظرون) أن ينزل بكم نحو ما اقتص الله من النقم النازلة بأشباهكم (ولله غيب السماوات والأرض) لا تخفى عليه خافية مما يجرى فيهما فلا تخفى عليه أعمالكم (وإليه يرجع الأمر كله) فال بد أن يرجع إليه أمرهم وأمرك فينتقم لك منهم (فاعبده وتوكل عليه) فإنه كافيك وكافلك (وما ربك بغافل عما يعملون) وقرئ تعملون بالتاء: أي أنت وهم على تغليب المخاطب. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ سورة هود أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح ومن كذب به وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى، وكان يوم القيامة من السعداء إن شاء الله تعالى ذلك).
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»