____________________
معناه: وقد عرف لوط عادتهم في عمل الفواحش قبل ذلك (هؤلاء بناتي) أراد أن يقي أضيافه ببناته وذلك غاية الكرم، وأراد هؤلاء بناتي فتزوجوهن، وكان تزويج المسلمات من الكفار جائزا كما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه من عتبة بن أبي لهب، وأبى العاص بن وائل قبل الوحي، وهما كافران. وقيل كان لهم سيدان مطاعان فأراد أن يزوجهما ابنتيه. وقرأ ابن مروان هن أطهر لكم بالنصب وضعفه سيبويه وقال: احتبى ابن مروان في لحنه. وعن أبي عمرو بن العلاء: من قرأهن أطهر بالنصب فقد تربع في لحنه، وذلك أن انتصابه على أن يجعل حالا قد عمل فيها ما في هؤلاء من معنى الفعل كقوله - هذا بعلى شيخا - أو بنصب هؤلاء بفعل مضمر كأنه قيل: خذوا هؤلاء وبناتي بدل، ويعمل هذا المضمر في الحال وهن فصل، وهذا لا يجوز لأن الفصل مختص بالوقوع بين جزأي الجملة، ولا يقع بين الحال وذي الحال، وقد خرج له وجه لا يكون هن فيه فصلا، وذلك أن يكون هؤلاء مبتدأ وبناتي هن جملة في موضع خبر المبتدأ كقولك: هذا أخي هو ويكون أطهر حالا (فاتقوا الله) بإيثارهن عليهم (ولا تخزوني) ولا تهينوني ولا تفضحوني من الخزي، أو ولا تخجلوني من الخزاية وهى الحياء (في ضيفي) في حق ضيوفي، فإنه إذا خزى ضيف الرجل أو جاره فقد خزى الرجل، وذلك من عراقة الكرام وأصالة المروءة (أليس منكم رجل رشيد) رجل واحد يهتدى إلى سبيل الحق وفعل الجميل والكف عن السوء. وقرئ ولا تخزون بطرح الياء. ويجوز أن يكون عرض البنات عليهم مبالغة في تواضعه لهم وإظهار لشدة امتعاضه مما أوردوا عليه طمعا في أن يستحيوا منه ويرقوا له إذا سمعوا ذلك فيتركوا له ضيوفه مع ظهور الأمر واستقرار العلم عنده وعندهم أن لا مناكحة بينه وبينهم، ومن ثم (قالوا لقد علمت) مستشهدين بعلمه (مالنا في بناتك من حق) لأنك لا ترى مناكحتنا وما هو إلا عرض سابري (1) وقيل لما اتخذوا إتيان الذكران مذهبا ودينا لتواطئهم عليه كان عندهم أنه هو الحق، وأن نكاح الإناث من الباطل، فلذلك قالوا: ما لنا في بناتك من حق قط، لأن نكاح الإناث أمر خارج من مذهبنا الذي نحن عليه. ويجوز أن يقولوه على وجه الخلاعة والغرض نفى الشهوة (لتعلم ما نريد) عنوا إتيان الذكور وما لهم فيه من الشهوة. جواب لو محذوف كقوله تعالى - ولو أن قرآنا سيرت به الجبال - يعنى لو أن لي بكم قوة لفعلت بكم وصنعت، يقال مالي به قوة ومالي به طاقة، ونحوه - لا قبل - لهم بها ومالي به يدان لأنه في معنى لا أضطلع به ولا أستقبل به. والمعنى: لو قويت عليكم بنفسي أو أويت إلى قوى أستند إليه وأتمنع به فيحميني منكم، فشبه القوى العزيز بالركن من الجبل في شدته ومنعته، ولذلك قالت الملائكة:
وقد وجدت عليه: إن ركنك لشديد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (رحم الله أخي لوطا كان يأوى إلى ركن شديد). وقرئ أو آوى بالنصب بإضمار أن كأنه قيل: لو أن لي بكم قوة أو آويا كقولها:
وقد وجدت عليه: إن ركنك لشديد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (رحم الله أخي لوطا كان يأوى إلى ركن شديد). وقرئ أو آوى بالنصب بإضمار أن كأنه قيل: لو أن لي بكم قوة أو آويا كقولها: