الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢٨٠
ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ. فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف
____________________
القبيلة (رسلنا) يريد الملائكة عن ابن عباس جاءه جبريل عليه السلام وملكان معه، وقيل جبريل وميكائيل وإسرافيل، وقيل كانوا تسعة. وعن السدى أحد عشر بالبشرى) هي البشارة بالولد، وقيل بهلاك قوم لوط والظاهر الولد (سلاما) سلمنا عليك سلاما (سلام) أمركم سلام، وقرئ فقالوا سلما قال سلم بمعنى السلام، وقيل سلم وسلام كحرم وحرام وأنشد:
مررنا فقلنا إيه سلم فسلمت * كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح (فما لبث أن جاء) فما لبث في المجئ به بل عجل فيه أو فما لبث مجيئه. والعجل ولد البقرة، ويسمى الحسيل والخبش بلغة أهل السراة، وكان مال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لبقر (حنيذ) مشوى بالرضف في أخدود، وقيل حنيذ يقطر دسمه من حنذت الفرس إذا ألقيت عليها الجل حتى تقطر عرقا، ويدل عليه - بعجل ثمين - يقال نكره وأنكره واستنكره ومنكور قليل في كلامهم، وكذلك أنا أنكرك ولكن منكر ومستنكر وأنكرك، قال الأعشى:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت * من الحوادث إلا الشيب والصلعا وقيل كان ينزل في طرف من الأرض فخاف أن يريدوا به مكروها، وقيل كانت عادتهم أنه إذا مس من يطرقهم طعامهم أمنوه وإلا خافوه، والظاهر أنه أحس بأنهم ملائكة ونكرهم لأنه تخوف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله عليه أو لتعذيب قومه، ألا ترى إلى قولهم - لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط - وإنما يقال هذا لمن عرفهم ولم يعرف فيم أرسلوا (فأوجس) فأضمر. وإنما قالوا لا تخف لأنهم رأوا أثر الخوف والتغير في وجهه، أو عرفوه
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»