الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٩١
فما ربحت تجارتهم
____________________
وأخذ آخر، ومنه:
أخذت بالجمة رأسا أزعرا * وبالثنايا الواضحات الدردرا وبالطويل العمر عمرا حيدرا * كما اشترى المسلم إذ تنصرا وعن وهب قال الله عز وجل فيما يعيب به في إسرائيل: تفقهون لغير الدين، وتعلمون لغير العمل، وتبتاعون الدنيا بعمل الآخرة. فإن قلت: كيف اشتروا الضلالة بالهدى وما كانوا على هدى؟ قلت: جعلوا لتمكنهم منه وإعراضه لهم كأنه في أيديهم، فإذا تركوه إلى الضلالة فقد عطلوه واستبدلوها به، ولأن الدين القيم هو فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها، فكل من ضل فهو مستبدل خلاف الفطرة. والضلالة: الجور عن القصد وفقد الاهتداء، يقال ضل منزلته وضل دريص نفقه فاستعير للذهاب عن الصواب في الدين. والربح: الفضل على رأس المال، ولذلك سمى الشف من قولك: أشف بعض ولده على بعض: إذا فضله، ولهذا على هذا شف.
والتجارة صناعة التاجر، وهو الذي يبيع ويشترى للربح. وناقة تاجرة كأنها من حسنها وسمنها تبيع نفسها. وقرأ ابن أبي عبلة تجاراتهم. فإن قلت: كيف أسند الخسران إلى التجارة وهو لأصحابها؟ قلت: هو من الإسناد
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 186 187 188 190 191 194 198 200 203 207 ... » »»