الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٨٨
ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
____________________
أن بعارضوهم باستهزاء مثله. فإن قلت: فهلا قيل الله مستهزئ بهم ليكون طبقا لقوله إنما نحن مستهزؤن. قلت: لأن يستهزئ يفيد حدوث الاستهزاء وتجدده وقتا بعد وقت، وهكذا كانت نكايات الله فيهم وبلاياه النازلة بهم - أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين - وما كانوا يخلون في أكثر أوقاتهم من تهتك أستار وتكشف أسرار ونزول في شأنهم واستشعار حذر من أن ينزل فيهم - يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون - (ويمدهم في طغيانهم) من مد الجيش وأمده: إذا زاده وألحق به ما يقويه ويكثره، وكذلك مد الدواة وأمدها: زادها ما يصلحها، ومددت السراج والأرض: إذا استصلحتهما بالزيت والسماد، ومده الشيطان في الغى وأمده: إذا واصله بالوساوس حتى يتلاحق غيه ويزداد انهماكا فيه.
فإن قلت: لم زعمت أنه من المدددون المد في العمر والإملاء والإمهال. قلت: كفاك دليلا على أنه من المدد دون المد قراءة ابن كثير وابن محيصن " ويمدهم " وقراءة نافع - وإخوانهم يمدونهم - على أن الذي بمعنى أمهله إنما هو مد له مع اللام كأملى له. فإن قلت: فكيف جاز أن يوليهم الله مددا في الطغيان وهو فعل الشياطين؟ ألا ترى إلى قوله تعالى - وإخوانهم
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 184 186 187 188 190 191 194 198 200 ... » »»