الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٩٤
وما كانوا مهتدين. مثلهم كمثل الذي استوقد نارا
____________________
ونحوه قول بعض فتاكهم في أمه:
فما أم الردين وإن أدلت * بعالمة بأخلاق الكرام إذا الشيطان قصع في قفاها * تنفقناه بالحبل التؤام أي إذا دخل الشيطان في قفاها استخرجناه من نافقائه بالحبل المثنى المحكم، يريد إذا جردت وأساءت الخلق اجهدنا في إزالة غضبها وإماطة ما يسوء من خلقها. استعار التقصيع أولا ثم ضم إليه التنفق ثم الحبل التؤام، فكذلك لما ذكر سبحانه الشراء أتبعه ما يشاكله ويواخيه وما يكمل ويتم بانضمامه إليه تمثيلا لخسارهم وتصويرا لحقيقته. فإن قلت:
فما معنى قوله - فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين - قلت معناه: أن الذي يطلبه التجار في متصرفاتهم شيئان:
سلامة رأس المال، والربح. وهؤلاء قد أضاعوا الطلبتين معا، لأن رأس مالهم كان هو الهدى فلم يبق لهم مع الضلالة، وحين لم يبق في أيديهم إلا الضلالة لم يوصفوا بإصابة الربح وإن ظفروا بما ظفروا به من الأغراض الدنيوية، لأن الضال خاسر دامر، ولأنه لا يقال لمن لم يسلم له رأس ماله قد ربح، وما كانوا مهتدين لطرق
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 190 191 194 198 200 203 207 209 ... » »»