الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٧٧
فزادهم الله مرضا
____________________
فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يعصبوه بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق بذلك. أو يراد ما تداخل قلوبهم من الضعف والجبن والخور لأن قلوبهم كانت قوية، إما لقوة طمعهم فيما كانوا يتحدثون به أن ريح الإسلام تهب حينا ثم تسكن، ولواء يخفق أياما ثم يقر، فضعفت حين ملكها اليأس عند إنزال الله على رسوله النصر وإظهار دين الحق على الدين كله، وإما لجراءتهم وجسارتهم في الحروب فضعفت جبنا وخورا حين قدف الله في قلوبهم الرعب وشاهدوا شوكة المسلمين وإمداد الله لهم بالملائكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالرعب مسيرة شهر ". ومعنى زيادة الله إياهم مرضاه أنه كلما أنزل على رسوله الوحي فسمعوه كفروا به فازدادوا كفرا إلى كفرهم، فكان الله هو الذي زادهم ما ازدادوه إسنادا للفعل إلى المسبب له كما أسنده إلى السورة في قوله - فزداتهم رجسا إلى رجسهم - لكونها سببا، أو كلما زاد رسوله نصرة وتبسطا في البلاد ونقصا من أطراف الأرض ازدادوا حسدا وغلا وبغضا وازدادت قلوبهم ضعفا وقلة طمع فيما عقدوا به رجاءهم وجبنا وخورا، ويحتمل أن يراد بزيادة المرض الطبع. وقرأ أبو عمرو في
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 173 174 175 177 178 179 180 181 182 ... » »»