____________________
قلت: لم يظهر عليهم لما أحاط به علما من المصالح التي لو أظهر عليهم لانقلبت مفاسد. واستبقاء إبليس وذريته ومتاركتهم وما هم عليه من إغواء المنافقين وتلقينهم النفاق أشد من ذلك، ولكن السبب فيه ما علمه تعالى من المصلحة. فإن قلت: ما المراد بقوله (وما يخادعون إلا أنفسهم) قلت: يجوز أن يراد وما يعاملون تلك المعاملة المشبهة بمعاملة المخادعين إلا أنفسهم، لأن ضررها يلحقهم ومكرها يحيق بهم، كما تقول: فلان يضار فلانا وما يضار إلا نفسه: أي دائرة الضرار راجعة إليه وغير متخطية إياه، وأن يراد حقيقة المخادعة: أي وهم في ذلك يخدعون أنفسهم حيث يمنونها الأباطيل ويكذبونها فيما يحدثونها به، وأنفسهم كذلك تمنيهم وتحدثهم بالأمالى، وأن يراد وما يخدعون فجئ به على لفظ يفاعلون للمبالغة. وقرئ وما يخدعون ويخدعون من خدع ويخدعون