الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢١٦
يجعلون أصابعهم في آذانهم
____________________
وكما قيل ظلمات. قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يراد العينان ولكنهما لما كانا مصدرين في الأصل، يقال رعدت السماء رعدا وبرقت برقا روعي حكم أصلهما بأن ترك جمعهما، وإن أريد معنى الجمع. والثاني أن يراد الحدثان كأنه قيل وإرعاد وإبراق وإنما جاءت هذه الأشياء منكرات، لأن المراد أنواع منها كأنه قيل فيه: ظلمات داجية ورعد قاصف وبرق خاطف * وجاز رجوع الضمير في - يجعلون إلى أصحاب الصيب مع كونه محذوفا قائما مقامه الصيب كما قال - أوهم قائلون - لأن المحذوف باق معناه وإن سقط لفظه. ألا ترى إلى حسان كيف عول على بقاء معناه في قوله: يسقون من ورد البريص عليهم * بردى يصفق بالرحيق السلسل حيث ذكر يصفق. لأن المعنى ماء بردى، ولا محل لقوله يجعلون لكونه مستأنفا لأنه لما ذكر الرعد والبرق على ما يؤذن بالشدة والهول فكأن قائلا قال: فكيف حالهم مع مثل ذلك الرعد، فقيل (يجعلون أصابعهم في اذانهم) ثم قال: فكيف حالهم مع مثل ذلك البرق؟ فقيل يكاد البرق يخطف أبصارهم. فإن قلت: رأس الأصبع هو الذي
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 207 209 214 215 216 217 218 219 221 222 ... » »»