____________________
مسه الشر جزوعا وإذ مسه الخير منوعا - (وإن تصبروا) على عدواتهم (وتتقوا) ما نهيتم عنه من موالاتهم، أو وإن تصبروا على تكاليف الدين ومشاقه وتتقوا الله في اجتنابكم محارمه كنتم في كنف الله فلا يضركم كيدهم، وقرئ لا يضركم من ضاره يضيره، ويضركم على أن ضمة الراء لإتباع ضمة الضاد كقولك مد يا هذا. وروى المفضل عن عاصم لا يضركم بفتح الراء، وهذا تعليم من الله وإرشاد إلى أن يستعان على كيد العدو بالصبر والتقوى، وقد قال الحكماء: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلا في نفسك (إن الله بما تعملون) من الصبر والتقوى وغيرهما (محيط) ففاعل بكم ما أنتم أهله، وقرئ بالياء بمعنى أنه عالم بما يعلمون في عداوتكم فمعاقبهم عليه. (و) أذكر (إذ غدوت من أهلك) بالمدينة وهو غدوه إلى أحد من حجرة عائشة رضي الله عنها. وروي " أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ودعا عبد الله بن أبي ابن سلول ولم يدعه قط قبلها، فاستشاره فقال عبد الله وأكثر الأنصار: يا رسول الله أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فكيف وأنت فينا؟ فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة، وإن رجعوا رجعوا خائبين، وقال بعضهم: يا رسول الله اخرج بنا إلى هؤلاء الأكلب لا يرون أنا قد جبنا عليهم، فقال صلى الله عليه وسلم إني قد رأيت في منامي بقرا مذبحة حولي فأولتها خيرا، ورأيت في ذباب سيفي ثلما فأولته هزيمة، ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم، فقال رجل من المسلمين: قد فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد اخرج بنا إلى أعدائنا، فلم يزالوا به حتى دخل فلبس لامته، فلما رأوه قد لبس لامته ندموا وقالوا: بئسما صنعنا نشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي يأتيه؟ وقالوا: اصنع يا رسول الله ما رأيت، فقال: لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل، فخرج يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة وأصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال، فمشى على رجليه فجعل يصف أصحابه للقتال كأنما يقوم بهم القدح، إن رأى صدرا خارجا قال تأخر، وكان نزوله في عدوة الوادي وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وأمر عبد الله بن جبيرة على الرماة وقال لهم: انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا " (تبوئ المؤمنين) تنزلهم.
وقرأ عبد الله للمؤمنين بمعنى تسوي لهم وتهيئ (مقاعد للقتال) مواطن ومواقف، وقد اتسع في عقد وقام حتى أجريا مجرى صار واستعمل المقعد والمقام في معنى المكان، ومنه قوله تعالى - في مقعد صدق - قبل أن تقوم من مقامك - من مجلسك وموضع حكمك (والله سميع) لأقوالكم (عليم) بنياتكم وضمائركم (إذ همت) بدل من إذ غدوت أو عمل فيه معنى سميع عليم. والطائفتان حيان من الأنصار بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وهما الجناحان، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف، وقيل في تسعمائة وخمسين والمشركون في ثلاثة آلاف، ووعدهم الفتح إن صبروا، فانخزل عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال: يا قوم علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟
وقرأ عبد الله للمؤمنين بمعنى تسوي لهم وتهيئ (مقاعد للقتال) مواطن ومواقف، وقد اتسع في عقد وقام حتى أجريا مجرى صار واستعمل المقعد والمقام في معنى المكان، ومنه قوله تعالى - في مقعد صدق - قبل أن تقوم من مقامك - من مجلسك وموضع حكمك (والله سميع) لأقوالكم (عليم) بنياتكم وضمائركم (إذ همت) بدل من إذ غدوت أو عمل فيه معنى سميع عليم. والطائفتان حيان من الأنصار بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وهما الجناحان، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف، وقيل في تسعمائة وخمسين والمشركون في ثلاثة آلاف، ووعدهم الفتح إن صبروا، فانخزل عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال: يا قوم علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟