الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٤٤٤
وما لهم من ناصرين. لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
____________________
فلن تقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء ء الأرض ذهبا، ويجوز أن يراد ولو افتدى بمثله كقوله - ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه - والمثل يحذف كثيرا في كلامهم كقولك ضربته ضرب زيد تريد مثل ضربه وأبو يوسف وأبو حنيفة تريد مثله ولا هيثم الليلة للمطي، وقضية ولا أبا حسن لها تريد ولا مثل هيثم ولا مثل أبي حسن كما أنه يراد في نحو قولهم مثلك لا يفعل كذا تريد أنت وذلك أن المثلين يسد أحدهما مسد الآخر فكانا في حكم شئ واحد، وأن يراد فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا كان قد تصدق به ولو افتدى به أيضا لم يقبل منه. وقرئ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا على البناء للفاعل وهو الله عز وعلا، ونصب ملء ومل لرض بتخفيف الهمزتين (لن تنالوا بالبر) لن تبلغوا حقيقة البر ولن تكونوا أبرارا، وقيل لن تنالوا بر الله وهو ثوابه (حتى تنفقوا مما تحبون) حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها وتؤثرونها كقوله - أنفقوا من طيبات ما كسبتم - وكان السلف رحمهم الله إذا أحبوا شيئا جعلوه لله. وروي أنها لما نزلت جاء أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن أحب أموالي إلي بيرحاء فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخ بخ، ذاك مال رابح أو مال
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»