الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٤١٣
فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا
____________________
إلى معتقده وقوة في إيقانه (الذين في قلوبهم زيغ) هم أهل البدع (فيتبعون ما تشابه منه) فيتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه المبتدع مما لا يطابق المحكم ويحتمل ما يطابقه من قول أهل الحق (ابتغاء الفتنة) طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلونهم (وابتغاء تأويله) وطلب أن يؤولوه التأويل الذي يشتهونه (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أي لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله وعباده الذين رسخوا في العلم: أي ثبتوا فيه وتمكنوا وعضوا فيه بضرس قاطع، ومنهم من يقف على قوله إلا الله، ويبتدئ والراسخون في العلم يقولون ويفسرون المتشابه بما استأثر الله بعلمه وبمعرفة الحكمة فيه من آياته كعدد الزبانية ونحوه، والأول هو الوجه، ويقولون كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل (يقولون آمنا به) أي بالمتشابه (كل من عند ربنا) أي كل واحد منه ومن المحكم من عنده أو بالكتاب كل من متشابهه ومحكمه من عند الحكيم الذي لا يتناقض كلامه ولا يختلف كتابه (وما يذكر إلا أولوا الألباب) مدح للراسخين بإلقاء الذهن وحسن التأمل، ويجوز أن يكون يقولون حالا من الراسخين، وقرأ عبد الله إن تأويله إلا عند الله، وقرأ أبي ويقول الراسخون (لا تزغ قلوبنا) لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا (بعد إذ هديتنا) وأرشدتنا لدينك أو لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»