الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٤٥
فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
____________________
آذاك هوامك؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة) وكان كعب يقول: في نزلت هذه الآية. وروى أنه مر به وقد قرح رأسه فقال: كفى بهذا أذى، وأمره أن يحلق ويطعم أو يصوم. والنسك مصدر، وقيل جمع نسيكة، وقرأ الحسن أو نسك بالتخفيف (فإذا أمنتم) الاحصار، يعنى فإذا لم تحصروا وكنتم في حال أمن وسعة (فمن تمتع) أي استمتع (بالعمرة إلى الحج) واستمتاعه بالعمرة إلى وقت الحج انتفاعه بالتقرب بها إلى الله تعالى قبل الانتفاع بتقربه بالحج، وقيل إذا حل من عمرته انتفع باستباحة ما كان محرما عليه إلى أن يحرم بالحج (فما استيسر من الهدى) هو هدى المتعة وهو نسك عند أبي حنيفة ويأكل منه، وعند الشافعي يجرى مجرى الجنابات، ول يأكل منه ويذبحه يوم النحر عندنا، وعنده يجوز ذبحه إذا أحرم بحجته (فمن لم يجد) الهدى (فع‍ليه (صيام ثلاثة أيام في الحج) أي في وقته وهو أشهره ما بين الاحرامين إحرام العمرة وإحرام الحج، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، والأفضل أن يصوم يوم التروية وعرفة ويوما قبلهما وان مضى هذا الوقت لم يجزئه إلا الدم، وعند الشافعي لا تصام الا بعد الاحرام بالحج تمسكا بظاهر قوله (في الحج وسبعة إذا رجعتم) بمعنى إذا نفرتم وفرغتم من أفعال الحج عند أبي حنيفة، وعند الشافعي هو الرجوع إلى أهاليهم، وقرأ ابن أبي عبلة وسبعة بالنصب عطفا على محل ثلاثة أيام، كأنه قيل: فصيام ثلاثة أيام كقوله - أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما - فان قلت: فما فائدة الفذلكة؟ قلت: الواو قد تجئ للإباحة في نحو قولك: جالس الحسن وابن سيرين، ألا ترى أنه لو جالسهما جميعا أو واحدا منهما كان ممتثلا، ففذ لكت نفيا لتوهم الإباحة، وأيضا ففائدة الفذلكة في كل حساب أن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا ليحاط به من جهتين فيتأكد العلم وفى أمثال العرب:
علمان خير من علم، كذلك (كاملة) تأكيد اخر وفيه زيادة توصية بصيامها وأن لا يتهاون بها ولا ينقص من عددها كما تقول للرجل إذا كان لك اهتمام بأمر تأمره به وكان منك بمنزلة الله، الله لا تقصر، وقيل كاملة في وقوعها بدلا من الهدى، وفى قراءة أبى: فصيام ثلاثة أيام متتابعات (ذلك) إشارة إلى التمتع عند أبي حنيفة وأصحابه لا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام عندهم، ومن تمتع منهم أو قرن كان عليه دم وهو دم جناية لا يأكل منه، وأما القارن والمتمتع من أهل الآفاق فدمهما دم نسك يأكلان منه، وعند الشافعي إشارة إلى الحكم الذي هو وجوب الهدى أو الصيام ولم يوجب عليهم شيئا، وحاضروا المسجد الحرام وأهل المواقيت فمن دونها إلى مكة عند أبي حنيفة وعند الشافعي أهل الحرم ومن كان من الحرم على مسافة لا تقتصر فيها الصلاة (واتقوا الله) في المحافظة على حدوده وما أمركم به ونهاكم عنه في الحج وغيره (واعلموا أن الله شديد العقاب) لمن خالف ليكون علمكم بشدة عقابه
(٣٤٥)
مفاتيح البحث: مسجد الحرام (1)، الحج (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»