الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٢٢
فلا تكونن من المترين. ولك. وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير. ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما يعملون. ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم
____________________
أهل الكتاب فهو الباطل. فإن قلت: إذا جعلت الحق خبر مبتدأ فما محل من ربك؟ قلت: يجوز أن يكون خبرا بعد خبر وأن يكون حالا، وقرأ علي رضي الله عنه الحق من ربك على الابدال من الأول: أي يكتمون الحق الحق من ربك (فلا تكونن من الممترين) الشاكين في كتمانهم الحق مع علمهم أو في أنه من ربك (ولكل) من أهل الأديان المختلفة (وجهة) قبلة، وفى قراءة أبى ولكل قبلة (هو موليها) وجهة محذف أحد المفعولين، وقيل هو لله تعالى: أي الله موليها إياه، وقرى ولكل وجهة على الإضافة، والمعنى: ولك وجهة الله موليها، فزيدت اللام لتقدم المفعول كقولك: لزيد ضربت، ولزيده أبوه ضاربه. وقرأ ابن عامر هو مولاها: أي هو مولى تلك الجهة قد وليها، والمعنى: لكل أمة قبلة تتوجه إليها منكم ومن غيركم (فاستبقوا) أنتم (الخيرات) واسبقوا إليها غيركم من أمر القبلة وغيره، ومعنى آخر وهو أن يراد: ولكل منكم يا أمة محمد وجهة: أي جهة يصلى إليها جنوبية أو شمالية أو شرقية أو غريبة (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) للجزاء من موافق ومخالف لا تعجزونه، ويجوز أن يكون المعنى فاستبقرا الفاضلات من الجهات وهى الجهات المسامتة للكعبة وإن اختلفت أينما تكنوا من الجهات المختلفة يأت بكم الله جميعا، يجمعكم ويجعل صلواتكم كأنها إلى جهة واحدة وكأنكم تصلون حاضري المسجد الحرام (ومن حيث خرجت) أي ومن أي بلد خرجت للسفر (فول وجهك شطر المسجد الحرام) إذا صليت (وإنه) وإن هذا المأمور به وقرى (يعملون) بالتاء والياء، وهذا لتأكيد التكرير أمر القبلة وتشديدة، لان النسخ من مظان الفتنة والشبهة وتسويل الشيطان والحاجة إلى التفصلة بينه وبين البداء، فكرر عليهم ليثبتوا ويعزموا ويجدوا، ولأنه نيط بكل واحد ما لم ينط بالآخر فاختلفت فوائدها (إلا الذين ظلموا) استثناء من الناس، ومعناه: لئلا يكون حجة لاحد من اليهود إلا للمعاندين منهم القائلين ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء. فإن قلت: أي حجة كانت تكون للمصفين منهم لو لم يحول حتى احترز من تلك الحجة ولم يبال بحجة المعاندين؟ قلت: كانوا يقولون: ماله لا يحول إلى قبلة أبيه إبراهيم كما هو مذكور في نعته في التوراة. فإن قلت: كيف أطلق اسم الحجة على قول المعاندين. قلت: لانهم يسوقونه سياق الحجة، ويجوز أن يكون المعنى: لئلا يكون للعرب عليكم حجة واعتراض في ترككم التوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم وإسماعيل أبى العرب، إلا الذين ظلموا منهم وهم أهل مكة حين يقولون: بدا له فرجع إلى قبلة آبائه ويوشك أن يرجع إلى دينهم. وقرأ زيد بن علي رضي الله عنهما - إلا الذين ظلموا منهم - على أن ألا للتنبيه ووقف على حجة ثم استأنف منبها (فلا تخشوهم) فلا تخافوا مطاعنهم في قبلكم
(٣٢٢)
مفاتيح البحث: مسجد الحرام (2)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»