الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ٢٠٠
ضمير الجمع وبارز مثله بخلاف ضمير استوقد، كما أن المقصود بقوله (فما معنى إسناد الفعل) بيان إزالة المانع المعنوي، أجاب أولا بأن الإسناد حينئذ مجازى من قبيل الإسناد إلى المسبب، وفائدة الإسناد إليه تعالى المبالغة في إذهاب النور. وثانيا بأن المراد مستوقد نارا لا يرضاها الله تعالى فلا يكون إطفاؤها قبيحا ثم إن هذه النار إما أن تكون مجازية وإما حقيقية. فإن قيل: المنافق مستوقد نار الفتنة والعداوة مع ما ذكر من الإضاءة فلا معنى للتشبيه قلنا: هذا المستوقد أعم منه (قوله وتلك النار متقاصرة مدة اشتعالها الخ) أشار به إلى معنى ذهاب الله بنورهم إذا حملت النار على المجازية، ولما أستعير لفظ النار للفتنة رشحت بالإضاءة التي تلائم معناه الحقيقي (قوله لقوله فلما أضاءت) أي ليتناسب أول الكلام واخره والسؤال فيه مختص بما إذا كان ذهب الله جواب لما وإجراؤه على التقدير الاخر تكلف (قوله وكيف جمعها) كرر لفظ كيف إشعارا باستقلال كل واحد في تأدية المقصود (قوله فلم وصفت بالإضاءة) تفريع على ما ذكره من أن الإضاءة تدل على الزيادة: أي لماذا وصفت بالإضاءة التي هي أقوى من الإنارة مع أن المقصود الإزالة بالكلية التي تناسب القلة والضعف؟ أجاب بأنه دل في الكلام على قوة الظهور وسرعة الخمود تنبيها على مزيد الحيرة والخيبة إشعارا بالبطلان، إذ قد تقرر في الأذهان قوة أمر الباطل في بدء الحال واضمحلاله سريعا في المآل، ومن ثمة قيل (للباطل صولة) أي ظهور بقوة (ثم يضمحل) بسرعة (والعرفج) نبت يشتعل قويا ويخمد سريعا، و (والنزوة) الطفرة (والطامح) من طمح الفرس أكب رأسه في عدوه رافعا بصره فهو طماح، والمراد من تعدى طوره لما أوتى من رتبة لا يستحقها. وفى الصحاح رجل طماح: أي شره، من
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»