طمحت المرأة: تطلعت إلى الرجال (قوله فهو أبلغ من الإذهاب) لما فيه من الأخذ والإمساك، فإن الباء وإن كانت للتعدية كالهمزة إلا أن فيها معنى المصاحبة واللصوق (قوله ترك ظبى ظله) أي كناسه الذي يستظل فيه من شدة الحر وهو مثل في الترك الكلى، فإن الظبي إذا نفر من مكان لم يعد إليه أصلا، وذلك في الصغير أقوى لنفرته طبعا وعدم تهديه إلى المنزل وقلة إلفه به وتمثل المزعج في خياله، فلذلك صغره، واخر البيت قوله * يقضمن حسن بنانه والمعصم * ويروى * ما بين قلة رأسه والمعصم * (جزر السباع) اللحم الذي تأكله لأنها تجزره بأنيابها جزر القصاب بالحديد فعل بمعنى مفعول (النوش) التناول السهل (والقضم) الأكل بمقدم الأسنان يقال قضمه بالكسر (والمعصم) موضع السوار من الساعد (ومنه) أي ومن القبيل الثاني، أعني ما ضمن معنى صير، وإنما فصله لأن البيت نص في المعدى إلى مفعولين لأن جزر السباع معرفة لا يحتمل الحال بخلاف ما في الآية، إذ يجوز أن يكون ترك فيها بمعنى خلى، وفى ظلمات ولا يبصرون حالين مترادفين أو متداخلين (والظلمة عدم النور) ليس هذا تكرارا لما تقدم إذ قصد به ههنا تفسيرها، وما ذكره أولا بطريق جملة حالية قصد به تحقيق أن ذهاب النور أبلغ من ذهاب الضوء، وهى عند بعضهم عدم النور عما من شأنه النور، وعند بعض المتكلمين هي عرض ينافي النور، فهي على هذا وجودية وعلى الأولين عدمية، وعلى التقادير يصح ما مر من أن النور نقيض لها: أي مناف للظلمة (لأنها) أي الظلمة (تسد البصر وتمنع الرؤية) وهذا ما يعتقده الجمهور وهو المناسب لحالهم، فلا يتجه أن العدم لا يكون مانعا وتوحيد الظلمة في الآية ظاهر، وأما جمعها فباعتبار انضمام ظلمة الليل إلى ظلمتى الغمام وتطبيقه مثلا (قوله كأن الفعل غير متعد أصلا) أي نزل منزلة اللازم وقطع النظر عن المتروك وقصد إلى نفس الفعل كأنه قيل ليس لهم إبصار، وهو أبلغ من أن يقدر المفعول: أي لا يبصرون شيئا لأن الأول يستلزم الثاني دون العكس. وأشار بقوله نحو يعمهون إلى أنه صار بمنزلة مالا يتعدى في أصله. وإنما قال في قوله ويذرهم في طغيانهم لأنه يوافق قوله تركهم في ظلمات لا يبصرون في المعنى. بخلاف قوله ويمدهم في طغيانهم يعمهون
(٢٠١)