في إضافة الطغيان إليهم، ولم يرد بما ذكره أن هذه الإضافة تدل بالوضع على أن الطغيان بإيجاد العبد لا بإيجاد الله تعالى وإرادته ليرد عليه أن الأمور المخلوقة لله تعالى بمشيئته اتفاقا إذا قامت بالعباد كالحسن والقبح والبياض والسواد تضاف إليهم إضافة حقيقية لا مجازية لأدنى ملابسة، فلا دلالة لإضافة الطغيان إليهم على إيجادهم إياه، بل أراد به كما ينبهك عليه قوله: أي نكتة في إضافته إليهم أن في هذه الإضافة إشارة لطيفة إلى أن الطغيان والتمادي في الضلالة من الأفعال التي اكتسبوها باختيارهم استقلالا، وأن الله تعالى برئ منه فليس يتعلق به لا خلقا ولا إرادة فحقه أن يضاف إليهم لا إليه إشعار بهذا الاختصاص لا بالاختصاص باعتبار المحلية والاتصاف، فإنه معلوم من تماديهم في الطغيان فلا حاجة فيه إلى الإضافة، فلولا حملها على قصد ذلك الإشعار لخلت عن الفائدة، ومثل ذلك معتبر في الإشارات الخطابية عند أرباب البلاغة. وقوله ردا مفعول له بمعنى الكلام: أي أضيف الطغيان إليهم ليفيد كذا ردا ونفيا (قوله من يلحد في صفاته) أي يميل عن الحق ويزعم أنه تعالى مريد للكفر والمعاصي وموجد لها ثم يعاقب عليها. والجواب أن أمثال هذه الخطابيات لا تعارض البراهين الدالة على أنه تعالى لا خالق سواه، وأنه لا يقع إلا ما أراده الله تعالى. وأول البيت * ومهمه أطرافه في مهمه * أي رب مفازة لا تنتهي سعة بل أطرافها من جوانبها في مفازة أخرى. أعمى الهدى: أي خفى المنار بالقياس إلى من لا دراية له بالمسالك، جعل خفاء العلم عمى له بطريق الاستعارة. وقيل أعمى صفة من عمى عليه الأمر التبس: أي ملتبس الهداية إلى طرقها على من يجهل ويتحير فيها. وقد يقال أعمى فعل ماض: أي أخفى طرق الاهتداء (والعمه) جمع عامه (قوله ومعنى اشتراء الضلالة بالهدى) قيل إن قوله - أولئك الذين اشتروا الضلالة - الآية تعليل لاستحقاقهم الاستهزاء الأبلغ، والمد
(١٩٠)