الترك بعلاقة اللزوم فهو مجاز بمرتبتين، ولا يجوز إن يستعار الختم من معناه الأصلي لترك القسر المشابه له في المنع عن وصول الحق في شأن هؤلاء خاصة، لأن الختم إحداث مانع مخصوص، وترك القسر ترك رفع مانع معقول، واستعارة الإحداث للعدم بعيد، على أن معنى المنع في ترك القسر غير ظاهر إلا بعد سبق العلم بحالهم والآية لبيانها، وقد مر تفسير الألطاف وهى إما مقربة أو محصلة، فإن حصلت الطاعة سميت توفيقا، وإن حصلت ترك المعصية سميت عصمة. وقوله إن أعطوها شرط دل ما قبله على جزائه، وقوله عبر جواب لما كانوا، وهى أي التعبير بالختم عن ترك القسر لذلك الإشعار هي الغاية، والتأنيث باعتبار الخبر، والاستشراء المبالغة في اللجاج، يقال شرى الفرس في لجامه والبعير في زمانه: أي مده وجذبه. الجواب الخامس أن يكون ما نحن فيه حكاية لما كان الكفرة يقولونه لاعبارتهم، فإن كون القلوب في أكنة هو معنى الختم عليها، كما أن يكون ما نحن فيه حكاية لماكان الكفرة يقولونه لا بعبارتهم، فإن كون القلوب في أكنة هو معنى الختم عليها، كما أن ثبوت الوقر في الآذان ختم عليها، وثبوت الحجاب تغشية للأبصار، وكون هذه الحكاية على سبيل التهكم بهم مما يعرف بالذوف السليم والإسناد إلى الله تعالى حينئذ حقيقة، لأنهم يجوزون إسناد القبيح إلى الله تعالى، وأما الختم فيجوز أن يكون حقيقة وأن يكون مجازا فإنه ذكر في قوله تعالى - وقالوا قلوبنا غلف - أنهم أرادوا أنها في أغطية جبلية وفطرية، وفى قوله - وقالوا قلوبنا في أكنة - الآية أنها تمثيلاث لنبو قلوبهم عن الحق، فإن جعل الختم حقيقة كان هذا وجها مستقلا، وإن جعل مجازا كما هو الأولى كان راجعا إلى ما تقدم، وقد غير أسلوب الكلام في الوجه الرابع حيث لم يقل ويجوز بناء على طول مباحث الإسناد المجازى فصرح بكونه وجها رابعا، واعترض على الوجه الثالث باقتضائه صحة إسناد جميع أنواع الكفر والمعاصي، بل جميع أفعال الأجسام إلى الله سبحانه لأنها بإقداره وتمكينه، وعلى الرابع بإنه لا قرينة عليه أصلا، بل جميع أفعال الأجسام إلى الله تقرير ما تقدم من حال الكفار وتأكيده سواء جعل استئنفا أولا (قوله ونظيره في الحكاية والتهكم قوله لم يكن) إذ قد حكى فيه على سبيل التهكم معنى ما كانوا يقولون قبل البعثة بعبارة أخرى كما فصله هناك (قوله اللفظ يحتمل) وذلك لأن الواو الأولى إما لعطف الظرف على ظرف قبله، والثانية لعطف الجملة الاسمية على الفعلية أو الأمر بالعكس. قيل لما
(١٦٣)