فادح، والمراد بالنقيض ههنا ما يدفع به الشئ عرفا، فإذا قيل هذا كبير أو عظيم دفع الأول بأنه صغير والثاني بأنه حقير، ولما كان الحقير دون الصغير كان العظيم فوق الكبير. ألا ترى جريان العادة بأن الأخس يقابل بالأشرف والخسيس بالشريف، فما يتوهم من أن نقيض الأخص أعم مما لا يلتفت إليه في أمثال هذه المباحث، والتنكير في غشاوة عنده للنوعية وفسره بنوع غير متعارف. وقال عطاء: التعامى دون العمى تنبيها على أن ذلك من سوء اختيارهم وشآمة إصرارهمه على إنكارهم. وقيل هو للتعظيم: أي غشاوة أي غشاوة، وما ذكره أنسب بقوله عذاب، لأن حمل تنكيره على التنويع أظهر لاستفادة التعظيم من صريح وصفه الدال عليه بجوهره وصيغته مع تنكيره أيضا (قوله ثم ثنى بالذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا) هذا إنما يظهر إذا جعل التعريف في الذين كفروا للعهد مرادا به ناس هم أعلام الكفر. وأما إذا حمل على الجنس سواء جعل عاما خص بالخبر أو مطلقا قيد به على ما مر ففيه إشكال لتناوله المصرين من الماحضين والمنافقين معا. وأجيب بأنه لما أفرد المنافقين وفصل أحوالهم بما لا مزيد عليه، علم أن المقصود الأصلي بذكر ذلك الحكم المشترك بينهما الماحضون فقط. وقد يجاب بأنه لا دلالة لقوله ثم ثنى بالذين محضوا على اختصاص الذكر بهم فلا بأس بتناوله لغيرهم. ورد بأن المتبادر من سوق كلامه الاختصاص فاحتيج إلى ذلك التأويل قطعا (قوله نعى عليهم فيها خبثهم) أي دعارتهم وعدم طيبهم بذكر ادعائهم حيازة الإيمان من جانبي المبدأ والمعاد، ومكرهم: أي دهاءهم بقوله - يخادعون الله - وفضحهم بقوله - وما هم بمؤمنين - وما يخدعون، وفى قلوبهم مرض، واستجهلهم بما يشعرون ولا يشعرون ولا يعلمون، وتهكم بفعلهم حيث قال - اشتروا الضلالة بالهدى - (قوله وقصة المنافقين عن آخرها) أي ليس هذا من عطف جملة على جملة لتطلب بينهما المناسبة المصحة لعطف الثانية على الأولى بل من عطف مجموع جمل متعددة مسوقة لغرض على
(١٦٥)