الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٤٠
ما اشتمل على إعادة ذكر ما استؤنف عنه الحديث جوابا عن سؤال استحقاقه لما نسب إليه، فإذا قيل أحسنت إلى زيد اتجه أن يقال: هل هو حقيق بذلك. فإن أجيب بذكر اسمه فقد ترك تأكيد الجملة جريا على خلاف مقتضى الظاهر لنكتة، وإن أجيب بذكر صفته فقد أفاد الحكم المطلوب مع بيان سببه القائم مقام تأكيده. وقيل أراد بهذا النوع ما يكون مشتملا على تلك الإعادة جوابا للسؤال عن سبب الحكم فيخرج مالا يكون جوابا عن السبب أو يكون جوابا عنه، ولا يشتمل على إعادة الذكر كقوله سهر دائم، ثم إن إعادة الذكر تدل إجمالا على أن هناك سببا، فكان الاستئناف بإعادة الصفة أبلغ لاشتماله على تفصيل السبب وتلخيصه، وفيه بحث لأنه إذا قيل ما سبب الإحسان إليه واستحقاقه إياه كان طلبا لمعرفة (1) سبب معين بعد أن عرف أن له سببا في الجملة، فلا يصح أن يجاب إلا بما يفيد تصوير سبب مخصوص، ومن ههنا يعلم امتناع الحمل على السؤال عن الحكم مشفوعا بسببه تبعا له. ومعنى قوله بإعادة اسمه وبإعادة صفته أنه يعاد ذكر من استؤنف عنه الحديث إما باسمه أو بصفته، فالمعاد هو ذكره فلا يرد أن الصفة غير مذكورة أولا فكيف تعاد، والمقصود من هذا التقسيم أن الاستئناف الذي في التنزيل سواء وقع على الذين يؤمنون بالغيب أو على أولئك وارد على هذا الوجه الأحسن الذي هو إعادة الصفة وإن كان الأول أرجح بما لخصناه، وقد يتوهم أنه على الثاني من إعادة الاسم ولذلك كان مرجوحا وهو مدفوع بقوله.
وأجيب بأن أولئك الموصوفين وقوله وفى اسم الإشارة (قوله نعم على أن يجعل اختصاصهم) الموصول الثاني إن اتحد بالأول ذاتا فحقه أن يجرى على ما جرى عليه الأول، فإن قطع عن ذلك وجعل مبتدأ فإما أن يجعل الاختصاص الحاصل من تعليق الحكم بالوصف المناسب الذي يتضمنه المبتدأ تعريضا بما ذكر أولا، فعلى الثاني قطع عما هو حقه وامتنع فائدة الاستئناف أيضا بلا داع يدعو إلى ذلك مع أنه نوع تكرار لما تقدم، وعلى الأول كان التعريض فائدة مطلوبة يرتكب لها خلاف الظاهر، ووجه أنه لما عبر عن المؤمنين بأنهم جامعون في الإيمان بين ما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وما أنزل من قبله قابلهم بهذا الاعتبار من انفرد بأحدهما: أع نى كفار أهل الكتاب، فعرض بأن ظنهم بكونهم على الهدى ظن كاذب وأن طمعهم في نيل الفلاح طمع فارغ، ومعنى الكلام حينئذ أن الكتاب هدى للذين آمنوا به والذين لم يؤمنوا به ليسوا على هدى وإن ظنوه، ولا فلاح لهم وإن طمعوا فيه.
فالجملتان بحسب المعنى وإن توافقتا الظرف وتقابلتا في الإيمان إثباتا وسلبا ليستا على حد يحسن العطف بينهما كل

(1) قوله كان طلبا لمعرفة الخ) في بعض النسخ: كان ذلك طلبا لتصور سبب مخصوص بعد العلم بأن هناك سببا في الجملة فلا يصح في جوابه أن يقال زيد حقيق بالاحسان إذا لا يفهم منه سبب مخصوص أصلا ومعنى قوله الخ كتبه مصححه.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»