الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٤٥
كل لطف يدعو إلى عمل يستجلب لطفا فلا يزالون يترقون في الأعمال الفاضلة (قوله الهذلي) هو أبو خراش يرثى خالد ابن زهير، ولا زائدة في أول القسم كما في - فلا أقسم - ولقد وقعت جواب القسم، والخطاب للطير على طريقة الالتفات، وتنكير لحم للتعظيم: أي على لحم أي لحم، استعظم لحم خالد لعظمه فاستعظم الطير الواقعة عليه وأباها حيث أقسم به، ولا حاجة إلى ما توهم من أن أبى ههنا جمع على الشذوذ نظرا إلى كثرة الطير، وقيل الأب مقحم أريد به خالد نفيه وأضيف إليه لوقوعها عليه وملابسته إياها كما تقول أبو الثريد وأبو تراب، والمربة اللازمة بالمكان، من أرب بالمكان أقام به ولزمه، وعن المصنف أنه كان يقول: ما أفصحك يا بيت المربة (قوله وبغير غنة) المشهور عند القراء أنه لا غنة مع اللام والراء، وقد وردت عنهم في بعض الروايات الغنة معهما على تفصيل يقرب مما ذكره المصنف، وأما بحسب العربية فلا نزاع في جوازها (قوله كما ثبتت) في موضع المصدر لقوله ثابتة، كأنه قيل تنبيه على نهم ثابت لهم الأثرة بالفلاح كما ثبتت لهم الأثرة بالهدى، فإن جعلت الفاء زائدة لم يمتنع إعمال ما بعدها فيما قبلهما، وإن جعلت دالة على أن الأثرة بالهدى سبب الأثرة الأخرى احتيج في الظاهر إلى تقدير ثابتة بلا فاء كما صورنا (والأثرة) بفتح الهمزة والثاء: التقدم والاستبداد، يقال استأثر بالشئ: استبد به، وقوله (في تمييزهم) إما متعلق بجعلت أو بالظرف الذي وقع موقع المفعول الثاني، أعني بالمثابة: أي المنزلة، وسيأتي بيان أصلها في قوله تعالى - مثابة للناس - والحاصل أن تكرير أولئك أفاد اختصاصهم بكل واحد منهما على حدة ليكون كل منهما مميزا لهم عمن عداهم، ولو لم يتكرر لربما فهم اختصاصهم بالمجموع فيكون هو المميز لا كل واحدة (على حيالها) حيال الشئ وحواله وحوله بمعنى، فمعنى كفت مميزة على حيالها أنها مستقلة في ذلك مع ما حولها وفى حيزها بلا احتياج إلى خارج (قوله قد اختلف الخبران ههنا) أي على هدى والمفلحون، يريد أنهما مع تناسبهما معنيان متمايزان تعقلا وهو ظاهر ووجود فإن الهدى في الدنيا والفلاح في العقبى وإثبات كل منهما أمر مقصود في نفسه، فالجملتان المشتملتان عليهما المتحدتان في المخبر عنه متوسطتان بين كمالي الاتصال والانقطاع، فلذلك أدخل العاطف بينهما، وأما الخبران أعني كالأنعام والغالون فهما وإن اختلفا مفهوما قد اتحدا مقصودا، إذ لا معنى للتشبيه بالأنعام إلا المبالغة في الغفلة، فكأن الجملة الثانية ههنا المشاركة للأولى في المحكوم عليه مؤكدة لها
(١٤٥)
مفاتيح البحث: الغفلة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»