الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٣٨
الكعبة والكتاب على كتاب سيبويه، وفى الصفات كالرحمن والرب من دون إضافة على الله تعالى، وفى المعاني كالخوض على الشروع في الباطل خاصة، والآخرة صفة غالبة على تلك الدار والدنيا على هذه، ثم إنهما مع كونهما من الصفات الغالبة قد جريا مجرى الأسماء، إذ قد غلب ترك ذكر اسم موصوفهما معهما كأنهما ليسا من الصفات (قوله لحب) يروى بفتح الحاء وضمها وأصله حبب على وزن شرف: أي صار محبوبا فأدغم الباء بالإسكان أو بنقل ضمها إلى الحاء، يقال حب إلى فلان وبفلان على زيادة الباء: أي ما أحبه إلى، واللام جواب قسم محذوف، ولم يؤت بقد مع أنه ماض مثبت لإجرائه مجرى فعل المدح كقولك: والله لنعم الرجل زيد (قوله المؤقدان) أراد إيقاد نار القرى فإنه المتبادر في استعمالات العرب خصوصا في مقام المدح، وصفهما بالكرم وكنى عنه بإيقاد النار وبالاشتهار به وكنى عنه بإضاءة الوقود، وقد صحح الوقود ههنا بضم الواو وهو مصدر، وأما بفتحها فهو اسم لما يتوقد به، والشعر لجرير على ما في الحواشي ومؤسى وجعدة ابناه، وقيل لأبى حية النميري. قال الفاضلي اليمنى: روى عن سيبويه قلب الواو همزة في المؤقدان ومؤسى (قوله الجملة في محل الرفع) هذا مذكور فيما تقدم، وإنما كرره ليربط به قوله وإلا فلا محل لها: أي وإن لم يكن الذين يؤمنون بالغيب مبتدأ بل موصولا بالمتقين صفة أو مدحا منصوبا أو مرفوعا فلا محل لتلك الجملة، يعنى على ما سبق من جعل والذين يوقنون معطوفا على المتقين أو على الذين يؤمنون بالغيب وأما إذا أجرى الموصول الأول على المتقين وجعل الثاني مرفوعا على الابتداء مخبرا عنه بأولئك فلها محل أيضا كما سيأتي. قال رحمه الله تعالى: وفى هذا الإطلاق تعريض بأن الوجه الآتي مرجوح كما سينكشف لك عن قريب (قوله إذا نويت) استعمل في هذا الوجه إذا وفيما يقابله أن إشعارا برجحانه وأن الثاني مجرد احتمال، وذلك أن السؤال والجواب على الأول يقعان على ما ينبغي، فإنه إذا قيل هدى للمتقين فدل باللام الجارة على اختصاصهم بكون الكتاب هدى لهم اتجه أن يقال ما بال المتقين مخصوصين بذلك وهل هم أحقاء به، فمآل السؤال إلى كونهم مستحقين لما ثبت لهم من الاختصاص، والجواب مشتمل على هذا الحكم المطلوب مع تلخيص موجبه بذكر صفات مختصة بهم استحقوا بها اختصاص الهدى، وزيد فيه ضم نتيجة الهدى إليه وهى الفلاح تقوية للمبالغة التي تضمنها قوله هدى وسلوكا للأسلوب الحكيم. وأما على الثاني فلا وجه للسؤال لأن الأوصاف التي أجريت عليهم مقتضية لذلك الاختصاص اقتضاء ظاهرا، لكن السائل قد غفل عن اقتضائها فسأل، ولذلك أجاب بإعادة الدعوى بعينها تنبيها على أن التأمل فيها يغنيه عن مؤنة السؤال، لكن
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»