الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٥١
الصالح للكل والبعض حيث صرح في قوله تعالى - إذا طلقتم النساء - أنه لا عموم ولا خصوص في النساء ولكنه اسمه جنس، وفى قوله تعالى - والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء - بأن اللفظ مطلق في تناول الجنس صالح لكله وبعضه، فجاء في أحدا ما صلح له: يعنى في ذوات الأقراء كالاسم المشترك. لأنا نقول: هو لا يمنع صلوحه للعموم بل يمنع ظهوره فيه كما هو مذهب أصحاب الأصول، فذهب ههنا المصنف إلى أن هذا الصالح للعموم مستعمل فيه ومقصور على البعض بواسطة القرينة، وفيه أنه تطويل للمسافة بلا طائل. وقيل المختار عنده أن مثل هذا الجمع للعموم، وأما كونه للاطلاق فشئ ذكره في بعض المواضع من هذا الكتاب، وهو مردود بالنص المنقول منه، وأما تفسيره للجمع المعرف باللام بمعنى الاستغراق فذلك لاستفادته منها بمعونة المقام لا لظهورها فيه، ولا معونة للمقام ههنا، فالصحيح أنه أراد كونه مطلقا في تناول الجنس صالحا بحسب مفهومه لا أن يراد به كله وبعضه، لكن الخبر دل على تقييد، فقوله متناولا كل من صمم وغيرهم لم يرد به الشمول بل التناول بحسب الإطلاق نظرا إلى اللفظ وحده، وإذا اعتبرت القرينة معه دل على تناوله له بحسب الإرادة للمصرين فقط، ومعنى لا يرعوى: لا ينزجر ولا يمتنع (قوله كما يوصف بالمصادر) أي كما تجرى المصادر على ما اتصف بها كذلك سواء يجرى على ما يتصف بالاستواء: أي يجعل له وصفا معنويا إما نعتا تحويل كما في كلمة - سواء - و - أربعة أيام سواء - بالجر والمشهور هو النصب، وأما غيره كما في هذه الآية فإن سواء ههنا في موقع مستو، إما خبرا عما قبله ومسندا إلى ما بعده كما يسند الفعل إلى فاعله فيجب حينئذ توحيده، وإما خبرا عما بعده فيكون ترك تثنيته لجهة المصدر وكأنه نبه على ذلك حيث قال أولا مستو عليهم، وثانيا سواء عليهم. واختار بعضهم الوجه الثاني لأنه اسم غير صفة، فالأصل فيه أن لا يعمل. وأيضا المقصود من الوصف بالمصادر المبالغة في باين محالها كأنها صارت غير ما قام بها، فمعنى قولنا زيد عدل أنه عين العدل كأنه تجسم منه، وإذا أولت بمعنى اسم الفاعل كمستو مثلا فإن ذلك المقصود، وكذا إن حملت على حذف المضاف (قوله الفعل أبدا خبر) لما حكم بأن قوله تعالى " أأنذرتهم أم لم تنذرهم " مرتفع المحل، إما على الفاعلية، أعلى الابتداء مع تقدم الخبر توجه عليه أسئلة: الأول أن الفعل كيف وقع مخبرا عنه ومسندا إليه. الثاني أن ما ذكرته يبطل تصدر الاستفهام. الثالث أن الهمزة وأم موضوعتان لأحد الأمرين وما يسند إليه سواء يجب أن يكون متعددا، فصرح بالسؤال الأول وأجاب عنه وعقبه بما هو جواب عن
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»