الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٢٩
فاحترز به عن إيمان الفاسق (قوله أن يعتقد الحق) أي يجزم به ويذعن له بقلبه وهذا هو المسمى بالتصديق الذي اكتفى به الأشعري وأتباعه في الإيمان وجعلوا الإقرار منشأ لإجراء الأحكام، واعتبرت الحنفية معه الإقرار وزادت المعتزلة العمل (قوله ومن أخل بالشهادة) أي من ترك الشهادة وما يقوم مقامها كالإشارة في الأخرس مثلا عامدا متمكنا سواء كان معتقدا أولا فهو كافر: أي ما حض مجاهر بكفره، بخلاف المنافق فإنه خلط صورة الإيمان بحقيقة الكفر. وأما الفاسق: أي مرتكب الكبيرة بلا توبة فله عندهم مرتبة بين المرتبتين، والسلف الصالحون قد أطبقوا على أنه مؤمن كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة فما نقل عنهم من أن الإيمان معرفة بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان محمول على الإيمان الكامل (قوله ومعنى إقامة الصلاة) ذكر لإقامة الصلاة معاني أربعة، فعلى الأولين يقيمون استعارة تبعية وعلى الأخيرين مجاز مرسل (قوله من أقام العود) القيام في أصل اللغة هو الانتصاب والإقامة أفعال منه والهمزة للتعدية فمعنى أقام الشئ جعله قائما: أي منتصبا. ثم قيل أقام العود: إذا قومه: أي سواه وأزال اعوجاجه فصار قويما يشبه القائم، ثم استعيرت الإقامة من تسوية الأجسام فإنه حقيقة فيها لتسوية المعاني كتعديل أركان الصلاة على ما هو حقها لا من تحصيل هيئة القيام فيها مراعاة لزيادة المناسبة بين المعاني (قوله من قامت السوق) نفاق السوق كانتصاب الشخص في حسن الحال والظهور التام فاستعمل القيام فيه والإقامة في إنفاقها: أي جعلها نافقة، ثم استعيرت منه للمداومة على الشئ فإن كلا منهما يجعل متعلقه مرغوبا إليه متنافسا فيه. واعترض بأن هذه المشابهة خفية جدا، وأيضا الأصل أعني أقام السوق مجاز فالتجوز منه
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»