(هل أتى على الانسان حين) أي مدة طويلة. والدهر مرور الليل والنهار وجمعه أدهر ودهور، والفرق بين الدهر والوقت أن الوقت مضمن بجعل جاعل، لان الله جعل لكل صلاة مفروضة وقتا، وجعل للصيام وقتا معينا، وقد يجعل الانسان لنفسه وقتا يدرس فيه ما يحتاج إلى درسه ووقتا مخصوصا لغذائه.
وقوله (لم يكن شيئا مذكورا) أي لم يكن ممن ذكره ذاكر، لأنه كان معدوما غير موجود، وفي الآية دلالة على أن المعدوم لا يسمى شيئا، وإنما سمى زلزلة الساعة شيئا مجازا. والمعنى إنها إذا وجدت كانت شيئا عظيما.
وقوله (إنا خلقنا الانسان من نطفة) اخبار من الله تعالى أنه خلق الانسان سوى آدم وحواء من نطفة، وهو ماء الرجل والمرأة الذي يخلق منهما الولد، فالنطفة الماء القليل في إناء كان أو غير إناء قال الشاعر:
وما النفس إلا نطفة بقراره * إذا لم تكدر صار صفوا غديرها وقوله (أمشاج) قال ابن عباس أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة. وقال الحسن والربيع بن أنس ومجاهد مثل ذلك. وقال قتادة: معنى أمشاج أطوار طورا نطفة وطورا مضغة وطورا عظما إلى أن صار إنسانا ليختبره بهذه الصفات. وقال مجاهد: معناه ألوان النطفة. وقال عبد الله: عروق النطفة وواحد الأمشاج مشيج، وهو الخلط، وسمى النطفة بذلك، لأنه جعل فيها اخلاطا من الطبائع التي تكون في الانسان من الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة. ثم عداها له، ثم بناه البنية الحيوانية المعدلة الاخلاط. ثم جعل فيها الحياة ثم شق له السمع والبصر فتبارك الله رب العالمين، وذلك قوله (فجعلناه سميعا بصيرا).
وقوله (نبتليه) أي نختبره بما نكلفه من الافعال الشاقة لننظر ما طاعته وما عصيانه فنجازيه بحسب ذلك، ويقال مشجت هذا بهذا إذ اخلطته به، وهو ممشوج به