المصير (9) ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبد ين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) (10) قرأ (نصوحا) بضم النون حماد ويحيى الباقون بفتحها، وهما لغتان.
وقال قوم: من فتح النون جعله نعتا للتوبة وحمله على الكثرة. ومن ضمه جعله مصدرا هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين الذين صدقوا بتوحيد الله واخلاص العبادة له وأقروا بنبوة نبيه صلى الله عليه وآله يأمرهم بأن يقوا أنفسهم أي يمنعونها، ويمنعون أهليهم نارا، وإنما يمنعون نفوسهم بأن يعملوا الطاعات، ويمنعون أهليهم بأن يدعوهم إليها ويحثوهم على فعلها، وذلك يقتضي أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي أن يكون للأقرب فالأقرب. وقال مجاهد وقتادة: معنى (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) مروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصيته.
ثم وصف تعالى النار التي حذرهم منها فقال (وقودها الناس والحجارة) قيل حطب تلك النار الناس والحجارة كوقود الكبريب وهو أشد ما يكون من العذاب (عليها ملائكة غلاظ) في الأخلاق وإن كانوا رقاق الأجسام، لأن الظاهر من حال الملك انه روحاني فخروجه عن الروحانية كخروجه عن صورة الملائكة (شداد) في القوى (لا يعصون الله ما أمرهم) به. وفي ذلك دلالة على أن الملائكة الموكلين بالنار وبعقاب العصاة معصومون عن فعل القبيح لا يخالفون الله في أمره ويمتثلون كل ما يأمرهم به، وعمومه يقتضي انهم لا يعصونه في صغيرة ولا كبيرة. وقال الرماني: لا يجوز أن يعصي الملك في صغيرة ولا كبيرة لتمسكه بما يدعو إليه العقل دون الطبع. وكل من تمسك بما يدعو إليه العقل دون الطبع، فإنه لا يقع