يقوم بالامر ورفع علي عليه السلام عن مقامه فبشرت بذلك أباها فعاتبهم الله على ذلك.
وقوله (فلما نبأت به واظهره الله عليه عرف بعضه واعرض عن بعض) معناه لما أخبرت التي أسر إليها الذي خبرها به إلى غيرها وأعلم الله تعالى نبيه ذلك واظهره له (عرف بعضه وأعرض عن بعض) فمن قرأ بالتخفيف قال الفراء: معناه إنه عاتب على بعض ذلك وصفح عن الباقي. وروي انه طلق حفصة تطليقة جزاء على ذلك ثم راجعها بأمر الله تعالى، وقيل: معنى قراءة من شدد أراد انه صلى الله عليه وآله أعلمها جميع ذلك وعرفها إياه، فلما نبأها به يعني لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله، زوجته بذلك وعرفها أنها أفشت سره (قالت) له في الجواب (من أنبأك هذا) أي من أخبرك بهذا فقال النبي صلى الله عليه وآله (نبأني) أي اخبرني بذلك واعلمني (العليم) بجميع المعلومات (الخبير) بسرائر الصدور الذي لا يخفى عليه شئ من أمور عباده ظاهرا وباطنا.
ثم خاطبهما يعني عائشة وحفصة وقال قل لهما (إن تتوبا إلى الله) وترجعا إلى طاعته (فقد صغت قلوبكما) قال ابن عباس ومجاهد: معناه زاغت قلوبكما إلى الاثم. وقال عمر بن الخطاب وجميع أهل التأويل: انه عنى عائشة وحفصة، وقال بعضهم: معناه مالت قلوبكما إلى ما كرهه الله من تحريم ما حرمه. وقوله (فقد صغت قلوبكما) من صلة (إن تتوبا إلى الله) والجواب محذوف، وتقديره إن تتوبا إلى الله قبلت توبتكما، وقال قوم (فقد صغت قلوبكما) جواب كقول القائل إن تتابع المجئ إلي فلقد جفوتني وقطعتني دهرا أي يحق لك ان تفعل ذلك، فقد صرمت فيما قبل. وإنما قال (قلوبكما) مع أن لهما قلبين، لان كلما تثبت الإضافة فيه معنى التثنية، فلفظ الجمع أحق به، لأنه أمكن واخف باعراب الواحد وقلة الزائد. وذلك في كل شيئين من شيئين، ويجوز التثنية لأنها الأصل، كما قال الراجز: