عائشة وكانت حفصة بنت عمر قد زارت عائشة، فحلا بيتها، فوجه رسول الله إلى مارية القبطية، وكانت معه وجاءت حفصة فأسر إليها التحريم.
والقول الثاني - ما رواه عبد الله بن شداد بن الهلال: ان النبي صلى الله عليه وآله كان شرب عند زينب شراب عسل كانت تصلحه له، فكان يطول مكثه عندها فكره ذلك عائشة وحفصة، فقالت له إنا نشم منك ريح المغافير، وهي بقلة متغيرة الرائحة - في قول المفسرين - وقال الزجاج: هي بقلة منتنة، فحرم النبي صلى الله عليه وآله شراب العسل الذي كان يشربه عند زوجته زينب بنت جحش. وقيل: ذكرت ذلك له حفصة، فحرمه النبي صلى الله عليه وآله على نفسه. ومن قال: انها نزلت بسبب مارية قال:
أنه قال: هي علي حرام، فجعل الله فيه كفارة يمين - ذكره ابن عباس والحسن - ومن قال: إن التحريم كان في شراب كان يعجبه قال: إنه حلف على أنه لا يشربه فعاتبه الله على تحريم ما أحل الله له.
والتحريم تبيين ان الشئ حرام لا يجوز، ونقيضه الحلال. والحرام هو القبيح الممنوع بالنهي عنه، والحلال الحسن المطلق بالاذن فيه. وعندنا أنه لا يلزم بقوله أنت علي حرام شئ، ووجوده كعدمه، وهو مذهب مسروق. وفيه خلاف بين الفقهاء ذكرناه في الخلاف. وإنما أوجب الله الكفارة، لأنه صلى الله عليه وآله كان حلف ألا بقرب جاريته أو لا يشرب الشراب المذكور، فعاتبه الله على ذلك وأوجب عليه ان يكفر عن يمينه ويعود إلى استباحة ما كان يفعله. وبين أن التحريم لا يحصل إلا بأمر الله ونهيه، وليس يصير الشئ حراما بتحريم محرم، ولا باليمين على تركه، فلذلك قال (لم تحرم ما أحل الله لك).
وقوله (تبتغي مرضات أزواجك) معناه إنك تطلب رضاء أزواجك في تحريم ما أحله الله لك. فالابتغاء الطلب، ومنه البغي طلب الاستعلاء بغير حق،