الحسن: كان السبب في ذلك أن العرب هدمت كنيسة للحبشة، وهم نصارى، فأراد تخريب الكعبة في مقابلة ذلك، فاقبل في جمع كثيف معه أفيلة، فجعل الله كيدهم في تضليل عما قصدوا له من تخريب الكعبة (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) فمعنى أبابيل جماعات في تفرقة زمرة وزمرة لا واحد لها - في قول أبي عبيدة والفراء - كما لا واحد للعباديد والشماطيط. وزعم أبو جعفر الرواسي أنه يسمع في واحدها أبالة. وقال الكسائي: سمعت النحويين يقولون واحده (أبول) مثل (عجول) وقال بعضهم: (ابيل) وقال ابن عباس معنى أبابيل يتبع بعضها بعضا. وقال قتادة:
معنى أبابيل كثيرة متتابعة. وقيل: إنها كانت سود الجرية تحمل في مناقيرها واكفها الحجارة - في قول عبيد بن عمير - وقيل: كان مع كل طائر ثلاثة أحجار اثنان في رجليه وواحد في منقاره، وقال موسى بن أبي عائشة: كانت الحجارة أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة وقيل كان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره.
وقيل: إن المعروف بأبرهة الأشرم الذي ملكته الحبشة كان يكنى أبا يكسوم وقيل: إنه لم يسلم من قومه غيره فولى إلى أهله وكلما نزل منزلا تساقط منه عضو فلما وصل إليهم اخبرهم الخبر ثم هلك.
وقيل كان الفيل إذا وجهوه نحو مكة وقف ولم يسر، وإذا وجهوه إلى جهة غيرها سار إنذارا من الله لهم وموعظة، وكان هذا من أعظم المعجزات في ذلك الوقت أظهره الله تعالى ليدل به على وجوب معرفته وإخلاص عبادته. وقال قوم:
إنه كان معجزة لنبي كان في ذلك الزمان، ويجوز أن يكون ذلك خالد بن سنان.
وقيل إنه كان ذلك توطيئا لنبوة نبينا صلى الله عليه وآله، لأنه كان ولد في عام الفيل.
وقوله (ترميهم بحجارة) أي تقذفهم بحجارة (من سجيل) قال أبو عبيدة كل شديد سجيل. قال ابن مقبل: