على غيره بغير حق، العائب له بما ليس فيه عيب لجهله وسفهه وشدة إقدامه على مكاره غيره، يقال: همز الناس يهمزهم همزا، وهو همزة. ومثله ضحكة أي كثير الضحك وعيبة أي كثير العيب. فكذلك همزة كثير الهمز بالطعن. ومنه الهمزة في الكلام لأنها تخرج كالطعنة بقوة اعتماد. وقال ابن عباس: الهمزة الطعان. واللمزة المغتاب وقال زياد الأعجم:
تدلي بودي إذا لاقيتني كذبا * وإن تغيبت فأنت الهامز اللمز (1) وقال ابن عباس: الهمزة اللمزة المشاء بالنميمة، المفرق بين الأحبة الباغي المبرئ العيب بالمكابرة. وقيل: نزلت في مشرك بعينه كان يعيب الناس ويلمزهم - ذكره ابن عبا س - وقال قوم: نزلت في الوليد بن المغيرة. وقال السدي:
نزلت هذه السورة في الأخنس ابن شريق، وكان يهمز النبي صلى الله عليه وآله ويلمزه. وقيل:
نزلت في جميل بن عامر الجهني. وقال مجاهد وورقاء وابن عباس: ليست خاصة لاحد بل هي عامة.
وقوله (الذي جمع مالا وعدده) نعت للهمزة الذي تقدم ذكره في أنه يجمع المال ويحبه، ولا يخرج حق الله منه.
وقوله (يحسب أن ماله أخلده) معناه يظن هذا الذي جمع المال، ولا يخرج حق الله منه أنه سيخلده. وقوله (أخلده) يخلده كما قيل أهلك إذا حدث به سبب الهلاك من غير أن يقع هلاكه بعد. وإنما ذلك بمعنى أوجب إخلاده وهلاكه وقيل: ليس المراد أنه يظن أنه لا يموت، ولكن يجب أنه يبقى من ماله إلى أن يموت. وقيل: معناه إنه يعمل عمل من يحسب أن ماله أخلده. وقال الحسن:
معناه يحسب أن ماله أخلده حتى يفنيه.