التبيان - الشيخ الطوسي - ج ١٠ - الصفحة ٤٠٥
وغيره، و (المعصرات) السحائب التي تنعصر بالمطر. والاعصار غبار كالعمود يصعد إلى السماء. والعصر الالتجاء إلى الملجأ. والعصر الجارية التي قد دنا بلوغها لأنه عصر شبابها، وانعصار ماء الشباب منها. والاعتصار استخراج المال من الانسان، لأنه ينحلب كما ينحلب ما يعصر. والعصران الغداة والعشي، والعصران الليل والنهار. قال الشاعر:
ولن يلبث العصران يوم وليلة * إذا طلبا ان يدركا ما تيمما (1) وقوله (إن الانسان لفي خسر) جواب القسم. وفيه اخبار من الله أن الانسان يعنى الكافر (لفي خسر) أي لفي نقصان بارتكاب المعاصي وكفره بالله والخسر هلاك رأس المال للانسان وبارتكاب المعاصي في هلاك نفسه خسران، وهو أكبر من رأس ماله.
وقوله (الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) استثناء من جملة الناس المؤمنين المصدقين بتوحيد الله باخلاص عبادته العاملين بالطاعات (وتواصوا بالحق) أي تواصي بعضهم بعضا بأتباع الحق واجتناب الباطل (وتواصوا بالصبر) تواصي بعضهم بعضا بالصبر على تحمل المشاق في طاعة الله. وقال الحسن وقتادة: الصبر على طاعة الله. والصبر حبس النفس عما تنازع إليه من الامر حتى يكون الداعي إلى الفعل.
وقد أمر الله تعالى بالصبر والتواضع. والحق ما دعا إليه العقل.

(1) القرطبي 20 / 179.
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»
الفهرست