تعظيمه إلا من هو عارف به ومعتقد العبادة ربه فهو معتقد بتعظيم المسمى لا وجه له يعتد به إلا تعظيم المسمى، ولهذا قال الله تعالى (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى) (1) وقال (فسبح باسم ربك) (2) وقال الله تعالى (تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام) (3) والباء زائدة، وتقديره اقرأ اسم ربك.
وقوله (الذي خلق) في موضع جر، نعت ل (ربك) الذي خلق الخلائق وأخرجهم من العدم إلى الوجود. وقوله (خلق الانسان من علق) تخصيص لبعض ما ذكره بقوله (الذي خلق) لأنه يشتمل على الانسان وغيره، وإنما أفرد الانسان بالذكر تشريفا له وتنبيها على ما خصه الله به من سائر الحيوان، وبين أنه مع ذلك خلقه الله من علق، وهو القطعة الجامدة من الدم، وإنما قال (علق) وهو جمع علقة لان المراد بالانسان الجمع، لأنه اسم جنس، وسمي به قطع العدم التي تعلق لرطوبتها بما تمر به، فإذا جفت لا تسمى علقا، وواحدها (علقة) مثل شجرة وشجر. وعلق في معنى الجمع، لان الانسان جمع على طريق الجنس، والنطقة تستحيل في الرحم علقة ثم مضغة ويسمى ضرب من الدود الأسود العلق، لأنه يعلق على الشفتين لداء يصيبها فيمتص الدم. وفي خلق الانسان من علق دليل على ما يصح أن ينقلب إليه الجوهر.
وقوله (اقرأ وربك الأكرم) معناه اقرأ القرآن وربك الأكرم ومعنى الأكرم:
الأعظم كرما وفي صفة الله تعالى معناه الأعظم كرما بما لا يبلغه كرم، الذي يثيبك على عملك بما يقتضيه كرمه، لأنه يعطي من النعم ما لا يقدر على مثله غيره، فكل نعمة من جهته تعالى، إما بأن اخترعها أو سيبها وسهل الطريق إليها.