(ويقيموا الصلاة) أي يدوموا عليها ويقوموا بحدودها (ويؤتوا الزكاة) المفروضة من أموالهم. ثم قال (وذلك دين القيمة) أي ذلك الذي تقدم ذكره دين القيمة وتقديره ذلك دين الملة القيمة والشريعة القيمة.
وقوله (وما أمروا إلا ليعبدوا الله) دليل على فساد مذهب المجبرة: ان الله خلق الكفار ليكفروا به، لأنه صرح ههنا أنه خلقهم ليعبدوه. وليس في الآية دلالة على أن أفعال الجوارح من الايمان، ولا من الدين، لأنه يجوز أن يكون المراد (وذلك) إشارة إلى الدين، وتقديره والدين بذلك هو دين القيمة، لان من لا يعتقد جميع ذلك ويؤمن بجميع ما يجب عليه فليس بمسلم. وقد تقدم قوله (مخلصين له الدين) ثم قال (وذلك) يعني وذلك الدين (دين القيمة) وليس يلزم أن يكون راجعا إلى جميع ما تقدم، كما لا يلزم على مذهبهم في قوله (ومن يفعل ذلك يلق أثاما) (1) أن يكون راجعا إلى الشرك، وقتل النفس والزنا، بل عندهم يرجع إلى كل واحد من ذلك، فكذلك - ههنا - وقد استوفينا ما يتعلق بذلك في كتاب الأصول.
وفي الآية دلالة على وجوب النية في الطهارة، لأنه بين تعالى أنه أمرهم بالعبادة على الاخلاص، ولا يمكن ذلك إلا بالنية والقربة، والطهارة عبادة لقوله صلى الله عليه وآله (الوضوء شطر الايمان) وما هو شطر الايمان لا يكون إلا عبادة.
ثم اخبر تعالى عن حال الكفار والمشركين فقال (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين) يعني من جحد توحيد الله وأنكر نبوة نبيه وأشرك معه إلها آخر في العبادة (في نار جهنم) معاقبين فيها جزاء على كفرهم (خالدين فيها) أي مؤبدين لا يفنى عقابهم. ثم قال (أولئك هم شر البرية) أي شر الخليقة، والبرية