قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي (فك رقبة أو أطعم في يوم ذي مسغبة) بغير الف على أنه فعل ماض. الباقون (فك رقبة) على الإضافة ويكون الإضافة إلى مفعول (أو إطعام) فوجه الأول قوله (فلا أقتحم العقبة فك رقبة) الثاني أنه على جواب و (ما أدراك ما العقبة) فيكون الجواب بالاسم وتلخيصه هلا اقتحم العقبة ولا يجوز الصراط إلا من كان بهذه الصفة يفك رقبة أو يطعم يتيما في يوم ذي مسغبة مجاعة، فلا اقتحم بمعنى لم، كما قال (فلا صدق ولا صلى) (1) ومعناه لم يصدق ولم يصل، وإنما لم يكرر (لا) لان معنا (ثم كان من الذين آمنوا) يدل على أنه لم يقتحم ولم يؤمن، وقرأ أبو عمرو وحمزة وحفص وخلف (مؤصدة) بالهمز. الباقون بغير همز وهما لغتان، يقال: أصدت الباب أو صده إيصادا فهو مؤصد بالهمز، وأوصدته فهو موصد بغير همز. والوصيد الباب من أوصدت.
لما نبه الله تعالى الانسان على وحدانيته وإخلاص عبادته بقوله (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين) وما فيهما من الدلالة على قدرته وعلمه وانه هدى الانسان طريق الخير والشر ورغبه في اتباع الخير وزجره عن اتباع الشر، قال حاثا له على فعل الخير بقوله (فلا أقتحم العقبة) قال الحسن: عقبة - والله شديدة - مجاهدة الانسان نفسه وهواه وعدوه والشيطان، ولم يكرر (لا) في اللفظ، وهي بمنزلة المكرر في المعنى كأنه قال: أفلا اقتحم العقبة وحذف الاستفهام، والمراد به التنبيه، والاقتحام الدخول على الشدة يقال اقتحم اقتحاما، واقحم إقحاما تقحم تقحما وقحم تقحيما ونظيره الادخال والايلاج. والمعنى هلا دخل في البر على صعوبة كصعوبة اقتحام العقبة، والعقبة الطريقة التي ترتقى على صعوبة. ويحتاج فيها إلى معاقبة الشدة بالتضييق