المؤمنين بحسن بصيرتهم في الصبر على دينهم حتى أحرقوا بالنار، لا يعطون التقية بالرجوع عن الايمان. والأخدود هو الشق العظيم في الأرض، ومنه ما روي في معجزة النبي صلى الله عليه وآله أن الشجرة دعاها النبي صلى الله عليه وآله فجعلت تخد الأرض خدا، حتى اتته. ومنه الخد المجاري الدموع. والمخدة لوضع الخد عليها، وتخدد لحمه إذا صار فيه طرائق كالشقوق.
وقوله (النار ذات الوقود) فجر النار على البدل من الأخدود، وهو بدل الاشتمال، ووصفها بأنها ذات الوقود، فالوقود - بفتح الواو - ما يشعل من الحطب وغيره - وبضم الواو - الايقاد. وإنما وصفها بأنها ذات الوقود مع أن كل نار ذات وقود لامرين:
أحدهما - انه قد يكون نار ليست ذات وقود كنار الحجر ونار الكبد.
والثاني - انه أراد بذلك وقودا مخصوصا، لأنه معروف، فكأنه أراد الوقود بأبدان الناس، كما قال (وقودها الناس والحجارة) (1) وقوله (إذ هم عليها قعود) أي حين هم قعود عليها أي بالقرب منها، وقال الربيع بن أنس: الكفار الذين كانوا قعودا على النار خرج لسان منها فأحرقهم عن آخرهم. وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام (أنهم كانوا من المجوس) وقال الضحاك:
كانوا من بني إسرائيل. وقيل: كانوا من اليمين. ومعناه هم عليها قعود حين كان أولئك الكفار قعودا عند النار. والقعود جمع قاعد كقولك: شاهد وشهود، وراكع وركوع، والقعود أيضا مصدر قعد يقعد قعودا.
وقوله (وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود) أي حضور على مشاهدتهم لهم، فكل حاضر على ما شاهده إما بسمع أو بصر، فهو شاهد. والمشاهد هو