ثم قال تعالى (بل الذين كفروا يكذبون) معناه إن الذي يمنعهم من السجود عند تلاوة القرآن تكذيبهم جهلا بما عليهم وعدولا عن الحق. وفي ذلك التحذير من الجهل والحث على طلب العلم. وقيل: معناه ما لهم لا يؤمنون، ولا بد من الجزاء على الاعمال ثم قال: تكذيبهم عن جهل منهم يصرفهم عن ذلك.
وقوله (والله أعلم بما يوعون) قال قتادة ومجاهد: معناه بما يوعون في صدورهم وإنما قال: يوعون، لأنهم يحملون الآثام في قلوبهم، فشبه ذلك بالوعاء، يقال:
أوعيت المتاع ووعيت العلم، قال الفراء: الأصل جعل الشئ في وعاء، والقلوب شبه أوعية لما يحصل فيها من معرفة أو جهل.
ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله (فبشرهم) يا محمد جزاء على كفرهم (بعذاب اليم) أي مؤلم. ثم استثنى من جملة من يخاطبه فقال (إلا الذين آمنوا) بالله (وعملوا) الاعمال (الصالحات لهم أجرا غير ممنون) أي غير منقوص، في قول ابن عباس وقال غيره: غير مقطوع، وقيل: غير منغص بالمن الذي يؤذي. وإنما قيل له:
من، لأنه قطع له عن شكر النعمة. قال الزجاج: تقول العرب: مننت الحبل إذا قطعته قال لبيد:
لمعفر قهد تنازع شلوه * غبس كواسب ما يمن طعامها (1) أي ما ينقص، وقيل ما يكدر، وكان ابن مجاهد ومحمد بن القاسم الأنباري يقفان على قوله (فبشرهم بعذاب اليم) ويبتدؤون بقوله (إلا الذين آمنوا) قال ابن خالويه: فسألتهما عن ذلك فقالا: الاستثناء منقطع ومعناه (لكن).