والتقدير إذا السماء انشقت إلى قوله (وحقت) فيا أيها الانسان إنك كادح. وقال البلخي: الواو زائدة وجواب قوله (أذنت لربها) (وحقت) وهو كقوله (حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها) والأول هو الوجه.
وقوله (يا أيها الانسان) خطاب لجميع المكلفين من البشر من ولد آدم يقول الله لهم ولكل واحد منهم (يا أيها الانسان إنك كادح) والكدح السعي الشديد في الامر يقال: كدح الانسان في أمره يكدح، وفيه كدوح وخدوش أي آثار من شدة السعي في الامر، ومعنى (كادح إلى ربك كدحا) أيها الانسان إنك في امرك بشدة ومشقة إلى أن تلقى جزاء عملك من ربك، فأنت لا تخلو في الدنيا من مشقة، فلا تعمل لها، واعمل لغيرها فيما تصير به إلى الراحة من الكدح، فالغني والفقير كل واحد منهما يكدح ما يقتضيه حاله. وقوله (فملاقيه) تفخيم لشأن الامر الذي يلقى من جهته، فجعل لذلك لقاء جزائه، لقاءه وهذا من المعاني العجيبة والحكمة البالغة والهاء في (فملاقيه) يحتمل أمرين: أن تكون كناية عن الله، وتقديره فملاقي ربك أي تلاقى جزاء ربك، ويحتمل أن تكون كناية عن الكدح، وتقديره فملاقي كدحك الذي هو عملك. وقال تميم بن مقبل:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما * أموت وأخرى ابتغى العيش اكدح (1) أي ادؤب وأسعى في طلب العيش. ثم قسم تعالى أحوال الخلق يوم القيامة فقال (فأما من أوتي كتابه بيمينه) يعني من أعطي كتابه الذي فيه ثبت أعماله من طاعة أو معصية بيده اليمنى (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) أي يواقف على ما عمل من الحسنات وماله عليها من الثواب، وما حط عنه من الأوزار إما بالتوبة أو المغفرة، فالحساب اليسير التجاوز عن السيئات، والاحتساب بالحسنات. ومن