وقيل: معناه جعلنا نومكم راحة. وقيل: معناه جعلنا نومكم طويلا ممتدا تعظم به راحة أبدانكم ويكثر به انتفاعكم، ومنه سبت من الدهر أي مدة طويلة منه. وقال أبو عبيدة: معناه جعلنا نومكم سباتا ليس بموت، ورجل مسبوت فيه روح، والسبات قطع العمل للراحة، ومنه سبت أنفه إذا قطعه، ومنه يوم السبت أي يوم قطع العمل للراحة على ما جرت به العادة في شرع موسى، وصار علما على اليوم الذي بعد الجمعة بلا فصل.
وقوله (وجعلنا الليل لباسا) فاللباس غطاء ساتر مماس لما ستر، فالليل ساتر للاشخاص بظلمته مماس لها بجسمه الذي فيه الظلمة قال الشاعر:
فلما لبسن الليل أوجن نصبت * له من حذا آذانها وهي جنح (1) (وجعلنا النهار معاشا) أي متصرفا للعيش والعيش الانعاش الذي تبقى معه الحياة على حال الصحة عاش يعيش عيشا والنهار اتساع الضياء المنبث في الآفاق وأصله من انهر الدم إذا وسع مجراه، ومنه النهر وهو المجرى الواسع من مجاري الماء، ومنه الانتهار الاتساع في الاغلاظ، وفى خلق النهار تمكين من التصرف للمعاش وفي ذلك أعظم النعمة وأكبر الاحسان.
وقوله (وبنينا فوقكم سبعا شدادا) يعني سبع سماوات. والبناء جعل الطاق الاعلى على الأدنى، فالسماء مبنية كهيئة القبة مزينة بالكواكب المضيئة، فسبحان الذي زينها وخلقها وبناها على هذه الصفة لعباده. وإنما جعلها سبع سماوات لما في ذلك من الاعتبار للملائكة، ولما في تصور الطبقات من عظم القدرة، وهول تلك الأمور، وما فيه من تمكين البناء حتى وقفت سماء فوق سماء، فسبحان من يمسكها بما هو قادر عليها ومدبر لها.