صادفه كان ألما، وجاء الكلام على التقابل للكافرين من قوله (في ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب) مقابل أهل الجنة في ظلال قصور الجنة وأشجارها وقوله (انا كذلك نجزي المحسنين) اخبار منه تعالى أنه كما جازى هؤلاء المتقين بما ذكره من النعيم مثل ذلك يجازي كل محسن عامل بطاعة الله. وفى ذلك دلالة على أن كل احسان خالص للعبد فله به الثواب والحمد، وانه طاعة لله، وإن ما ليس باحسان من فعل خارج عن هذا الحكم. وقوله (ويل يومئذ للمكذبين) قد مضى تفسيره.
ثم عاد إلى خطاب الكفار فقال لهم على وجه التهديد والوعيد (كلوا وتمتعوا) في دار الدنيا وتلذذوا بما تريدون وانتفعوا بما تشتهون (قليلا) لان أيام الدنيا قليلة، فالتمتع الحصول في أحوال تلذ، تمتع تمتعا واستمتع استمتاعا وأمتعه غيره امتاعا والتمتع والتلذذ واحد ونقيضه التألم.
وقوله (إنكم مجرمون) اخبار منه تعالى للكفار بأنكم وإن تمتعتم قليلا في الدنيا فإنكم عصاة وكفار وما لكم إلى النار وعذابها. والاجرام فعل ما يقطع المدح ويحصل بدله الذم، يقال: أجرم إجراما واجترم اجتراما وتجرم عليه أي تطلب له الجرم (ويل يومئذ للمكذبين) بينا معناه.
وقوله (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) فالركوع هو الانخفاض على وجه الخضوع، ويعبر به عن نفس الصلاة ويقال: قد ركعت وبقي على ركوع أي صلاة والمراد به ههنا - الصلاة، والمعنى إن هؤلاء الكفار إذا دعوا إلى الصلاة لا يصلون لجهلهم بما في الصلاة من الخير والبركة. وقيل: انه يقال لهم ذلك في الآخرة كما قال (يدعون إلى السجود فلا يستطيعون) ذكره ابن عباس. وقال قتادة، يقال لهم ذلك في الدنيا، فان الصلاة من الله بمكان. وقال مجاهد: عنى بالركوع - هنا - الصلاة