يتساءلون) وقوله (الذي هم فيه مختلفون) ولم يقل أنتم، وإن كانت التاء جائزة لان العرب تنتقل من غيبة إلى خطاب، ومن خطاب إلى غيبة.
قيل في سبب نزول هذه الآية: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا حدث قريشا وعرفهم أخبار الأمم السالفة ووعظهم كانوا يهزؤن بذلك، فنهاه الله تعالى أن يحدثهم فقال (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء) إلى قوله (حتى يخوضوا في حديث غيره) (1) فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحدث أصحابه فإذا أقبل واحد من المشركين أمسك فاجتمعوا على بكرة أبيهم وقالوا: والله يا محمد إن حديثك عجب، وكنا نشتهي أن نسمع كلامك وحديثك، فقال إن رب نهاني أن أحدثكم، فأنزل الله تعالى (عم يتساءلون عن النبأ العظيم) وقوله (عم يتساءلون) أصله عن ما، فحذفت الألف لاتصالها بحرف الجر حتى صارت كالجزء منه لتدل على شدة الاتصال مع تخفيف المركب في الكلام، فحذف حرف الاعتلال وأدغمت النون في الميم لقربها منها من غير أخلال، وصورته صورة الاستفهام والمراد تفخيم القصة والانكار والتهديد. وقوله (يتساءلون) معناه عن ماذا يسأل بعضهم بعضا، فالتساؤل سؤال أحد النفيسين للاخر، تساءلا تساؤلا وسأله مسألة، والسؤال طلب الاخبار بصيغة مخصوصة في الكلام، وكل ما يزجر العقل عنه بما فيه من الداعي إلى الفساد لا يجوز السؤال عنه كسؤال الجدل لدفع الحق ونصرة الباطل، وكالسؤال الذي يقتضي فاحش الجواب، لأنه كالأمر بالقبيح. والنبأ معناه الخبر العظيم الشأن كمعنى الخبر عن التوحيد في صفة الاله وصفة الرسول، والخبر عما يجوز عليه وما لا يجوز. وقال مجاهد: النبأ العظيم الشأن القرآن، وقال قتادة وابن زيد:
هو السؤال عن البعث بعد الموت، لأنهم كانوا يجمعون على التكذيب بالقرآن