إلا أنه حذف للعلم بحال أهل النار من الكفار باجماع الأمة عليه (لابثين فيها احقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) ثم يعذبون بعد ذلك بضرب آخر كالزقوم والزمهرير ونحوه من أصناف العذاب، ومن قرأ (لبثين) بلا الف استشهد في تعدي (فعل) بقول الشاعر:
ومسحل سح عضاده سحج * بسراتها ندب له وكلوم (1) وقال ابن عباس: الحقب ثمانون سنة. وقال الحسن: سبعون سنة. وقال قوم: هو أكثر من ذلك.
وقوله (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) قال أبو عبيدة: البرد ههنا النوم قال الكندي:
فيصدني عنها وعن قبلتها البرد أي النوم، فكأنهم لا ينامون من شدة ما هم فيه من العذاب، ولا يجدون شرابا يشربوه (إلا حميما وغساقا) فالحميم الحار الشديد الحرارة والغساق صديد أهل النار - في قول إبراهيم وقتادة وعطية وعكرمة - يقال: غسقت القرحة غسقا إذا سال صديدها، وكذلك الجروح، ومنه قوله (ومن شر غاسق إذا وقب) (2) والغاسق الليل إذا لبس الأشياء بظلمته. كأنه يسيل عليه بظلامه، وقال الحسن:
الجنة والنار مخلوقتان في الأيام الستة الأول، وهي الجنة التي سكنها آدم، وهي الجنة التي يسكنها المتقون في الآخرة. ثم يفنيها الله لهلاك الخلائق. ثم يعيدها، فلا يفنيها أبدا. وقال قوم: المخلوقتان، ولا يفنيهما الله. وقال آخرون: هما غير مخلوقتين.
والجنة التي كان فيها جنة أخرى ليست جنة الخلد.
وقوله (جزاء وفاقا) قال ابن عباس ومجاهد والربيع وقتادة: معناه وافق