والتقدير يصفح لكم عن ذنوبكم، وتكون عامة. وقيل: إنها دخلت للتبعيض، ومعناها يغفر لكم ذنوبكم السالفة، وهي بعض الذنوب التي تضاف إليهم، فلما كانت ذنوبهم التي يستأنفونها لا يجوز الوعد بغفرانها مطلقا - لما في ذلك من الاغراء بالقبيح - قيدت هذا التقييد. وقيل: معناها (يغفر لكم من ذنوبكم) بحسب ما تكون التوبة متعلقة بها، فهذا على التبعيض إن لم يقلعوا إلا عن البعض. وهذا على مذهب من يقول: تصح التوبة من قبيح مع المقام على قبيح آخر يعلم قبحه. وقال الزجاج:
دخلت (من) لتخص الذنوب من سائر الأشياء، لا لتبعيض الذنوب.
وأكثر النحويين وأكثر القراء على إظهار الراء عند اللام في (يغفر لكم) وأختار أبو عمرو الادغام، لان إذهاب التكرير لا يخل، لان الثاني مثل الأول.
وإنما يخل إذهاب ماله حس في المسموع، كالذي لحروف الصفير وبحروف المد واللين وقوله (ويؤخركم إلى أجل مسمى) عطف على الجزاء فلذلك جزمه، والمعنى إنكم إن أطعتم الله ورسوله غفر لكم ذنوبكم وأخركم إلى الأجل المسمى عنده وفي الآية دليل على الأجلين، لان الوعد بالأجل المسمى مشروط بالعبادة والتقوى، فلما لم يقع اقتطعوا بعذاب الاستئصال قبل الأجل الأقصى بأجل أدنى. وكل ذلك مفهوم هذا الكلام. وقيل تقديره إن الأجل الأقصى لهم إن آمنوا، وليس لهم إن لم يؤمنوا، كما أن الحنة لهم إن آمنوا وليست لهم إن لم يؤمنوا.
ثم اخبر (ان أجل الله) الأقصى إذا جاء لا يؤخر (لو كنتم تعلمون) صحة ذلك وتؤمنون به، ويجوز ذلك أن يكون اخبارا من الله عن نفسه، ويجوز أن يكون حكاية عن نوح أنه قال ذلك لقومه.
ثم حكى تعالى ما قال نوح لله تعالى فإنه قال يا (رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا) إلى عبادتك وخلع الأنداد من دونك والى الاقرار بنبوتي (فلم يزدهم دعائي