وروى عن جابر بن عبد الله وعن ابن عمرو أيضا نحو حديث عبد الله بن عمرو.
ففي هذا الاحتجاج إن حديث عبد الله بن عمرو في إسناده العمري الزاهد وهو ضعيف وحديث جابر.
وحديث ابن عمر في أسانيده أبو معشر وهو منكر الحديث عند البخاري، وأمسك الشافعي عن روايته، وكان تغير قبل موته بسنتين تغيرا شديدا.
فليس في هذه الأحاديث أن ذلك النبيذ القليل حرام لذاته لأن ما حرم من الأنبذة إنما حرم لعلة الاسكار، فقد استفاض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام، فلما لم يكن القليل مسكرا لا يصح أن يقال إنه حرم لأجل الاسكار.
ولما انعدمت علة الحرمة تعين أن القليل حرم سدا للذريعة، ومخافة التدرج إلى الكثير المسكر، ونحن نقول به.
ونظيره ما روي عن ابن معقل ابن، معقل من كراهة نقيع الزبيب، فقال ابن حجر: محمول على ما تغير، وكاد يبلغ حد الاسكار أو أراد قائله حسم المادة (الفتح 10 / 50).
ومن أصول الشريعة الإسلامية أن المشتبهات ليست من الحرام البين مع هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن يرع حول الحمى يوشك أن يواقعه) أو كما قال، رواه البخاري وقد يؤيد ما ذكرناه ورود الحديث بلفظ أنهاكم (رواه سعد بن أبي وقاص) وهذا اللفظ ليس صريحا في التحريم،