ويبطل هذا التأويل السخيف أيضا ما جاء في بعض طرقه من قوله (فوجده شديدا فقال: من رابه من هذا النبيذ شئ فليكسر منته أي قوته) بالماء فلئن كان قد تخلل لقال فليكسر حموضته، وأيضا فلا موجب للأمر بالكسر إن كان تخلل فمن شاء فليكسر ومن لا فلا، ولأنه ليس في الخل ما يريب، كما أسلفنا ذكره.
والذي حكاه البيهقي عن عتبة بن فرقد، وزيد بن أسلم فقد حكاه بصيغة المجهول (أعني يذكر) وهذا دليل ضعفه عند الألباني.
وما رواه عن نافع وعبيد الله فهو رأي منهما وظن من عند أنفسهما، لأنهما لم يدركا القصة، ولم يروياه عمن أدركها.
وينفي تأويلهم ما قد صح عن عمر أنه قال: إن نبيذ الطائف له عرام (وهو الحدة والشدة) قال الراوي فذكر شدة لا أحفظها ثم دعا بماء فصب عليه ثم شرب.
وما رواه حبيب بن أبي ثابت عن نافع عن ابن علقمة عنه أنه أتى بنبيذ قد أخلف (أي تغير رائحته وفسد) واشتد فشرب منه ثم قال إن هذا لشديد ثم أمر بماء فصب ثم شرب.
ففي هذا ما لا يتفق مع تأويلهم بل ينفي أن يكون ذلك النبيذ حلوا، أو خلا، وهذه الآثار كلها تعطي أن ذلك النبيذ كان شديدا له عرام وقد أخلف والذي هذا صفته لا شك في كونه مسكرا إن أكثر منه، مع هذا شرب عمر القليل منه.
ويشهد لما في هذه الوجوه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ومعاذ: الشربا ولا تسكرا، أو قوله اشربا ولا