تسكرا، ولا تشربا مسكرا، وذلك حين سألاه عن شرابين يصنعان باليمن من البر والشعير، فهذا صريح في أن حكم المقدار الذي يسكر من ذلك الشراب خلاف حكم ما لا يسكر منه.
وقد تعللوا بأن فيه مشريكا وهو سئ الحفظ وهو مدفوع بأن الفضيل بن مرزوق تابعه. ثم تعللوا بلن أبا إسحاق مدلس وقد عنعن، والجواب أنه لا ينظر في الشواهد والمتابعات مثل هذه الأمور: كما صرح به الألباني مرارا في صحيحته.
فقد ثبت ثبوتا لا شبهة فيه أن الأنبذة ليس حكمها حكم لخمر التي حرمت بعينها فإن قليلها وكثيرها حرام سواء أسكر أو لم يسكر، لأنها رجس بنص القرآن، وغيرها من الأنبذة ليس كذلك فالكثير المسكر منها حرام والقليل الذي لا يسكر حلال.
وقوله عليه السلام: كل مسكر حرام، معناه ما أسكر فعلا لا القليل الذي لا يسكر لكن إذا أكثر منه أسكر فإن المسكر بالفعل هو المتبادر من لفظ المسكر فهو الأولى أن يحمل عليه الحديث، وهذا المعنى هو الذي يشهد له حديث شرب النبي صلى الله عليه وسلم النبيذ الشديد ممزوجا بالماء، وأثر عمر، وحديث أبي موسى ومعاذ.
وأما الذي يحتج به المخالفون من حديث عبد الله بن عمرو.
مرفوعا قال: ما أسكر قليله فكثيره حرام، ومن حديث عائشة ما أسكر الفرق منه فملأ الكف منه حرام.