فالإجماع معصوم، وخبر الآحاد غير معصوم، فوجود الاجماع دليل على عدم صحة ما يناقضه من الحديث الفرد، ولا أقل من أن الاجماع يقدم عليه وقد نص عليه الشافعي فقال:
الاجماع أكثر من الخبر المفرد، وسبقه بهذا القول عبد الله بن المبارك، حيث قال: إجماع الناس على شئ أوثق في نفسي من سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن مسعود (المسودة ص 318) فانظر أن ابن المبارك يقدم الاجماع على الحديث الذي إسناده من أصح الأسانيد، فما ظنك بالصحيح.
وأما ما حكاه الألباني عن ابن القيم، فمحله حيث يقدم توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف، كما صرح به ابن القيم، لا حيث يثبت النقل عن كثير من العلماء، ويتيقن ثبوته عن الجم الغفير منهم، ولم يوجد نقل مخالف بعد التتبع التام، تأمل في كلام ابن القيم، فإنه يصرح في إعلام الموقعين (1 / 11) أنه ليس معنى كلام الإمام أحمد ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجود الاجماع، ويصرح إن من أصل فتاوى الإمام أحمد أنه إذا وجد لبعض الصحابة فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها، ولم يقل إن ذلك إجماع بل من ورعه في العبارة يقول لا أعلم شيئا يدفعه أو نحوه.
ويصرح في الأعلام (2 / 217) إن لم يخالف الصحابي صحابيا آخر، فإما أن يشتهر، قوله في الصحابة أو لا يشتهر، فإن اشتهر فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء، إنه إجماع وحجة، فهذا الذي حكينا عن ابن القيم يدل على أن تزل بعض