ابن الجراح (1)، فهؤلاء بسوء رأيهم وفساد معتقدهم، وأولئك بفجورهم ومخالفتهم وهذا في غاية البطلان.
(فإن قيل): إنما سميناهم فساقا لخروجهم عن أمر الله بمخالفة نصوص الشريعة وأدلتها القاطعة وذلك يدل على تهاونهم الذي لا يؤمن معه الاجتراء على الكذب.
(قلنا): لا يخلو ردهم لتلك النصوص أن يكون عن إنكار صدقها وعدم الاذعان لها مع اعترافهم بثبوتها، أو ذلك إنما هو لعدم ثبوتها، أو لتأويلها وصرفها عن ظاهرها، فإن كان الأول فمرتكبه كافر لا فاسق ولا كلام لنا مع الكافر، وإن كان الثاني فهم غير مختصين به بل جميع الأمة حالهم مع النصوص كذلك فما من إمام إلا وقد خالف الكثير منها بتأويل رأى معه جواز تلك المخالفة كما قال القرافي (2) في التنقيح: لا يوجد عالم إلا وقد خالف من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله أدلة كثيرة ولكن لمعارض راجح عليها عند مخالفتها ا ه.
فإن كان مناط الحكم بالفسق هو مخالفة النصوص بتأويل وجب أن يطرد هذا الحكم كلما وجدت المخالفة، فيحكم بفسق جميع الأئمة وهذا باطل، فالحكم بفسقهم أيضا باطل وإن كان المناط هو مخالفتهم لما تعتقدون أنه الحق وإن كانوا في ذلك متأولين فهذا أبطل لأنه تحكم لا دليل عليه ولأن لهم أيضا مثل ذلك.