فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ٩٢
ثم هم أيضا غير موجودين في أسانيد الأخبار المخرجة في دواوين أهل السنة إلا على سبيل القلة والندرة، وإنما الموجود فيها أهل التشيع بغلو أو بلا غلو كما سبق عن الذهبي.
وأما الثاني: فإنا وجدنا الكذب شائعا أيضا في أصناف من أهل السنة كالمتعصبين من أهل الجمود في التقليد. وكذا القصاص والوعاظ، بل وفيمن هو خير منهم كالزهاد والعباد حتى قال يحيى القطان: ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيما ينسب إلى الخير والزهد.
وأسند الذهبي في ترجمة جعفر المستغفري (1) من تذكرة الحفاظ عنه قال: سمعت ابن مندة الحافظ يقول: إذا وجدت في إسناد زاهدا فاغسل يدك من ذلك الحديث (2).
وقال ابن الصلاح: أعظم الوضاعين ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث احتسابا فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة بهم وركونا إليهم ا ه‍.
وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: لقد أدركت بالمدينة أقواما لو استسقى بهم القطر لسقوا، وقد سمعوا من العلم والحديث شيئا كثيرا وما أخذت عن واحد منهم وذلك أنهم كانوا قد ألزموا أنفسهم خوف الله والزهد، وهذا الشأن يحتاج إلى رجل معه تقى وورع وصيانة واتقان وعلم وفهم ويعلم ما يخرج من رأسه وما يصل إليه غدا في القيامة، فأما زهد بلا إتقان ولا معرفة فلا ينتفع به، وليس هذا بحجة ولا يحمل عنهم العلم.

(١) الحافظ المحدث النسفي المتوفى ٤٣٢، تذكرة الحفاظ ٣: ٢٨٣، تاج التراجم ١٥، شذرات ٣: ٢٤٩، مرآة الجنان ٣: ٥٤.
(٢) تذكرة الحفاظ ٣: ١١٠٢.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»