على الكذب في الحديث كما اجترأ على غيره فلا يحصل ظن الصدق بخبره وإن كان هو في نفسه قد لا يجترئ على خصوص الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، فلذلك اشترطت العدالة التي هي ملازمة التقوى الحاجزة بين المرء وبين سائر المخالفات، ولما كان الكذب قد يحصل عن وهم وخطأ كما يحصل عن قصد وتعمد أضيف إلى العدالة الضبط ليحصل به ظن انتفاء الكذب عن وهم وخطأ كما حصل بها ظن انتفائه عن قصد وتعمد، إما اعتقاد الراوي أن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان أو أن الأمور لا تجري بقدر من الله تعالى، أو أن عليا أفضل من أبي بكر وعمر وأحق بالخلافة منهما أو أنه إمام جور وظلم أو غير ذلك من المعتقدات فلا يحصل بشئ منها ظن صدق في الخبر، ولا عدمه فاشتراط نفيها في قبول الخبر ظاهر البطلان.
فإن قيل: إنما اشترط ذلك لأن الراوي صار بها فاسقا وقد دللت على أن الفاسق لا يحصل ظن الصدق بخبره، قلنا: وهذا أيضا باطل لأن الفسق هو الخروج عن أوامر الله تعالى بمخالفة حدوده وانتهاك محارمه والمبتدع لم يخالف حد الله ولا خرج عن أمره في معتقده، حتى يكون فاسقا بل ما حمله على التعلق بمعتقده إلا امتثال أمر الله وطلب مرضاته، باعتقاد ما هو الحق في نظره أو اجتهاده وإن كان مخطئا في ذلك لأنه بخطئه يكون ضالا لا فاسقا، وفرق بين المقامين وعلى تسليم تسميته فاسقا وأن هذا اصطلاح لأهل السنة في تسمية من خالفهم، فليست مادة فسق هي الموجبة لرد الخبر حتى يتصف بذلك كل من سمي بلفظ مشتق من مادتها، بل ولا معناها الذي هو الخروج عن أمر الله هو الموجب لذلك أيضا في حد ذاته لأنه غير منحصر في الكذب ولا الكذب من لوازمه، فقد يكون الرجل زانيا ولا يكون كاذبا، وإنما الموجب