فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ٨٩
(فإن قيل): إنما أخرجنا أئمة السنة لصحة تأويلهم وفساد تأويل المبتدعة. (قلنا): هذا لا يجدي نفعا من وجهين: أما الأول: فلأنهم يدعون مثل هذا ويزعمون أن تأويلهم هو الصحيح، ويبدون لذلك براهين وأدلة وأن تأويلكم هو الفاسد، وأما الثاني: فلأنكم قد صرحتم ببطلان كثير من تأويلات أهل السنة وأقمتم على فسادها الحجج والبراهين فالشافعية أبطلوا كثيرا من تأويلات مخالفيهم، والحنفية كذلك، وهكذا فعل كل فريق من أهل السنة مع مخالفه منهم بما أسفر عن مخالفة الكل ما ليس له تأويل مقبول من النصوص فاستوى أهل السنة والمبتدعة في ذلك فإما أن تطلقوا اسم الفسق على الجميع، وإما أن ترفعوه عن الجميع.
(فإن قيل): إنما حصل الخلاف بين أهل السنة في الفروع وأمرها قريب، بخلاف ما حصل من المبتدعة فإنه في الأصول وأمرها عظيم، لأن الخطأ فيها مؤد إلى الكفر.
(قلنا): وهذا أيضا ليس بنافع من وجوه: أما الأول فإن الكلام في نفس المخالفة لا فيما يترتب عليها من حق أو باطل، والمخالفة في حد ذاتها واحدة بالنسبة إلى عدم امتثال الآمر بها فلا تختلف سواء كانت في الفروع أو في الأصول، فالراد لحديث في النكاح والطلاق كالراد لحديث في الأسماء والصفات، والجاحد لآية في التوحيد كالجاحد لآية في الطهارة، إذ المخبر بهما واحد والآمر بهما واحد، والكل من عند الله.
وأما الثاني: فإنكم قد بدعتم أيضا بالمخالفة في الفروع وحكمتم بذلك على منكر المسح على الخفين حتى نقلتم مساءلته من كتب الفقه إلى دواوين الأصول، وما ذلك إلا لمجرد المخالفة.
وأما الثالث: فإنكم قد اختلفتم أيضا في مسائل الأصول وخالفتم من آيات الصفات وأحاديثها كل ما لم يوافق رأيكم، وأولتموها بأضعف
(٨٩)
مفاتيح البحث: الطهارة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»